عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٣٣
حمزة بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر قال: ما أدركت الصفقة حيا فهو من مال المبتاع. قال ابن حزم: صح هذا عن ابن عمر، ولا يعلم له مخالف من الصحابة. وقال ابن المنذر: يعني في السلعة تتلف عند البائع قبل أن يقبضها المشتري بعد تمام البيع. قال ابن المنذر: هي من مال المشتري، لأنه لو كان عبدا فأعتقه المشتري كان عتقه جائزا، ولو أعتقه البائع لم يجز عتقه. قال الطحاوي: فهذا ابن عمر يذهب فيما أدركت الصفقة حيا فهلك بعدها أنه من مال المشتري، فدل ذلك أنه كان يرى أن البيع يتم بالأقوال قبل الفرقة التي تكون بعد ذلك، وأن المبيع ينتقل من ملك البائع إلى ملك المبتاع حتى يهلك من ماله إن هلك. وفيه: جواز بيع الأرض بالأرض. وفيه: جواز بيع العين الغائبة على الصفة، وفيه خلاف سنذكره إن شاء الله تعالى. وفيه: أن الغبن لا يرد به البيع.
84 ((باب ما يكره من الخداع في البيع)) أي: هذا باب في بيان كراهة الخداع في البيع، ولكن الخداع لا ينسخ به البيع، وفيه خلاف نذكره عن قريب، إن شاء الله تعالى.
7112 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن عبد الله ابن دينار عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة..
مطابقته للترجمة من حيث إن الخداع لو لم يكن مكروها لما قال، صلى الله عليه وسلم، لذلك المخدوع: إذا بايعت فقل: لا خلابة، أي: لا خديعة، على ما يجيء تفسيرها كما ينبغي عن قريب.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في تلك الحيل عن إسماعيل. وأخرجه أبو داود في البيوع عن القعنبي. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة.
ذكر معناه: قوله: (إن رجلا)، وهو حبان بن منقذ، بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، ومنقذ اسم فاعل من الإنقاذ وهو التخليص: الصحابي ابن الصحابي الأنصاري المازني، شهد أحدا وما بعدها، ومات في زمن عثمان، رضي الله تعالى عنه، وقد شج في بعض مغازيه مع النبي، صلى الله عليه وسلم، بحجر ببعض الحصون، فأصابته في رأسه مأمومة فتغير بها لسانه وعقله، لكنه لم يخرج عن التمييز، وروى الدارقطني من حديث ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر: أن رجلا من الأنصار كانت بلسانه لوثة، وكان لا يزال يغبن في البيوع، فذكر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا بعت فقل: لا خلابة، مرتين. وقال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن يحيى بن حبان، قال: هو جدي منقذ بن عمرو، وكان رجلا قد أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه ونازعته عقله، وكان لا يدع التجارة، وكان لا يزال يغبن، وفيه: وكان عمر عمرا طويلا عاش ثلاثين ومائة سنة. وفي لفظ عن ابن عمر: كان حبان بن منقذ رجلا ضعيفا. وكان قد سقع في رأسه مأمومة فجعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، له الخيار فيما يشتري ثلاثا، وكان قد ثقل لسانه، فكنت أسمعه يقول: لا حذابة لا حذابة، وقال الدارقطني: وكان ضرير البصر. وفي الطبراني: لما عمي قال له النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك. وقال ابن قرقول: إن هذا الرجل كان ألثغ ولا يعطيه لسانه إخراج الكلام، وكان ينطق يا باثنتين من تحت، أو ذالا معجمة. قوله: (ذكر للنبي، صلى الله عليه وسلم) وفي رواية ابن إسحاق: (فشكى إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، ما يلقى من الغبن). قوله: (لا خلابة)، بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام، أي: لا خديعة. يقال: خلبة يخلبه خلبا وخلابة وخالبة، ورجل خالب وخلاب وخلبوت وخلبوب: خداع، الأخيرة عن كراع، يعني: خلبوب، بالبائين الموحدتين. وقال الجوهري: خداع كذاب، وامرأة خلبوت على مثال جبروت، وخلوب وخالبة وخلابة. وفي (المنتهى): الخلب القطع والخديعة باللسان، خلبه يخلبه من باب نصره ينصره، وخلبه يخلبه من باب ضربه يضربه، واختلبه اختلابا، والخلوب الخادع، والخلابة الخداعة من النساء، وعن أبي جعفر عن بعض شيوخه: لا خيانة، بالنون وهو تصحيف.
ذكر ما يستفاد منه وهو على وجوه: الأول: مذهب الحنفية والشافعية: على أن العين غير لازم فلا خيار للمغبون سواء قل الغبن أو كثر، وهو الأصح من روايتي مالك. وقال البغداديون من أصحابه: للمغبون الخيار بشرط أن يبلغ الغبن ثلث
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»