عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٤٢
الركبان لأن فيه ضررا لغيرهم من حيث السعر فلذلك أمرهم بالنقل عند تلقي الركبان ليوسعوا على أهل الأسواق قوله ' ثم قال ' أي ثم قال نافع وحدثنا عبد الله بن عمر وهذا داخل في الإسناد الأول قوله ' حتى يستوفيه ' أي يقبضه وفي رواية مسلم ' حتى يكتاله ' والقبض والاستيفاء سواء والذي يستفاد من الحديث أنه نهى عن بيع الطعام إلا بعد القبض وهذا الباب فيه خلاف قال القاضي عياض في شرح مسلم اختلف الناس في جواز بيع المشتريات قبل قبضها فمنعه الشافعي في كل شيء وانفرد عثمان التيمي فأجازه في كل شيء * ومنعه أبو حنيفة في كل شيء إلا العقار وما لا ينقل ومنعه آخرون في سائر المكيلات والموزونات ومنعه مالك في سائر المكيلات والموزونات إذا كانت طعاما وقال ابن قدامة في المغني ومن اشترى ما يحتاج إلى القبض لم يجز بيعه حتى يقبضه ولا أرى بين أهل العلم فيه خلافا إلا ما حكى عن عثمان التيمي أنه قال لا بأس ببيع كل شيء قبل قبضه وقال ابن عبد البر هذا قول مردود بالسنة وأما غير ذلك فيجوز بيعه قبل قبضه في أظهر الروايتين ونحوه قول مالك وابن المنذر انتهى وقال عطاء بن أبي رباح والثوري وابن عيينة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعي في الجديد ومالك في رواية وأحمد في رواية وأبو ثور وداود النهي الذي ورد في البيع قبل القبض قد وقع على الطعام وغيره وهو مذهب ابن عباس أيضا ولكن أبو حنيفة قال لا بأس ببيع الدور والأرضين قبل القبض لأنها لا تنقل ولا تحول وقال الشافعي هو في كل مبيع عقارا أو غيره وهو قول الثوري ومحمد بن الحسن وهو مذهب جابر أيضا * - 05 ((باب كراهية السخب في السوق)) أي: هذا باب في بيان كراهية السخب، وهو رفع الصوت بالخصام، وهو بفتح السين المهملة والخاء المعجمة والباء الموحدة، ويروى: الصخب، بالصاد المهملة، والصاد والسين يتقاربان في المخرج، ويبدل أحدهما عن الآخر. قوله: (في السوق)، وفي بعض النسخ: (في الأسواق).
5212 حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا فليح قال حدثنا هلال عن عطاء بن يسار قال ل قيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قلت أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن * (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (الأحزاب: 54). وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إلاه إلا الله ويفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا. (الحديث 5212 طرفه في: 8384).
مطابقته للترجمة في قوله: (ولا سخاب في الأسواق)، فالسخب مذموم في نفسه ولا سيما إذا كان في الأسواق، وهي مجمع الناس من كل جنس، ولا يسخب فيها إلا كل فاجر شرير، ولو لم يكن السخب مذموما مكروها لما قال الله في التوراة في حق سيد الخلق: (ولا سخاب في الأسواق) ولا كان بسخاب في غير الأسواق.
ورجاله كلهم تقدموا في أول كتاب العلم، ومحمد بن سنان، بكسر السين المهملة وبالنون: أبو بكر العوفي، وهو من أفراده، وفليح، بضم الفاء وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره حاء مهملة: ابن سليمان أبو يحيى الخزاعي، وكان اسمه: عبد الملك، وفليح لقبه وغلب على اسمه، وهلال، بكسر الهاء: ابن علي في الأصح، ويقال: هلال بن أبي هلال الفهري المديني، وعطاء بن يسار ضد اليمين أبو محمد الهلالي، وليس لهلال عن عطاء عن عبد الله بن عمرو في الصحيح غير هذا الحديث.
ذكر معناه: قوله: (قال: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة). فإن قلت: هل قرأ عبد الله بن عمرو التوراة حتى سأل عنه عطاء بن يسار عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها؟ قلت: نعم، كما روى البزار من حديث ابن لهيعة عن
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»