عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٩٠
وسلم، لسبوعه ركعتين، فإنه رواه هناك عن قتيبة بن سعيد عن سفيان عن عمرو بن دينار إلى آخره، وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة.
قوله: (أيأتي؟) الهمزة فيه للاستفهام. قوله: (قدم النبي، صلى الله عليه وسلم) أي: قدم مكة، وهذا جواب لسؤال عمرو بن دينار، ومن معه، قال الكرماني: فإن قلت: ما وجه مطابقة الجواب السؤال؟ قلت: معناه لا يحل له، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب المتابعة، وهو لم يتحلل من عمرته حتى سعى. انتهى. قلت: لا يحتاج إلى هذا التقدير، لأن هذا جواب مطابق للسؤال مع زيادة، أما الجواب فهو قوله: (فطاف بين الصفا والمروة سبعا)، وأما الزيادة فهو قوله: (فطاف بالبيت سبعا)، وصلى خلف المقام ركعتين، وفائدة الزيادة هي أن السؤال عن المعتمر إذا لم يسع، والجواب أن العمرة هي الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، فلا يجوز له قربان امرأته حتى يأتي بالطواف والسعي. قوله: (لقد كان لكم...) إلى آخره، من تتمة الجواب.
7461 حدثنا المكي بن إبراهيم عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة فطاف بالبيت ثم صلى ركعتين ثم سعى بين الصفا والمروة ثم تلا * (لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة) * (الأحزاب: 32).
.
هذا طريق آخر للحديث المذكور، رواه عن المكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد البلخي أبو السكن، ولفظ المكي اسمه على صورة النسبة، وليس بمنسوب إلى مكة، وهو يروى عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ومضى هذا الحديث أيضا في: باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام، رواه عن آدم عن شعبة عن عمرو بن دينار، وهذه الأحاديث الثلاثة عن ابن عمر دلت على أن العمرة عبارة عن الطواف بالبيت سبعا، والصلاة بركعتين خلف المقام، والسعي بين الصفا والمروة..
وفي (التوضيح): واجبات السعي عندنا أربعة: قطع جميع المسافة بين الصفا والمروة، فلو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه، ولو كان راكبا اشترط أن يسير دابته حتى تضع حافرها على الجبل، وإن صعد على الصفا والمروة فهو أكمل، وكذا فعله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة بعده، وليس هذا الصعود فرضا ولا واجبا، بل هو سنة مؤكدة، وبعض الدرج مستحدث، فالحذر من أن يخلفها وراءه فلا يصح سعيه حينئذ، وينبغي أن يصعد على الدرج حتى يستيقن، ولنا وجه شاذ، أنه يجب الصعود على الصفا والمروة قدرا يسيرا، ولا يصح سعيه إلا بذلك ليستيقن قطع جميع المسافة، كما يلزم غسل جزء من الرأس بعد غسل الوجه ليستيقن. ثانيها: الترتيب، فلو بدأ بالمروة لم يجزه لأنه، صلى الله عليه وسلم، قال: (ابدأوا بما بدأ الله به) وقال صاحب (التوضيح): قال في (المحيط) من كتب الحنفية: لو بدأ بالمروة وختم بالصفا أعاد شوطا ولا يجزيه ذلك، والبداءة بالصفا شرط، ولا أصل لما ذكره الكرماني من أن الترتيب في السعي ليس بشرط حتى لو بدأ بالمروة وأتى الصفا جاز، وهو مكروه لترك السنة، فيستحب إعادة ذلك الشوط قلت: الكرماني له كتاب في المناسك ذكر هذا فيه، وكيف يقول صاحب (التوضيح): لا أصل لما ذكره الكرماني بل لا أصل لما ذكره لأنه يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم (ابدأوا بما بدأ الله به)، فكيف يستدل بخبر الواحد على إثبات الفرضية، والحديث إنما يدل على أنه سنة، وقد عمل الكرماني به حيث قال: ولو بدأ بالمروة يكون مكروها لتركه السنة، حتى يستحب إعادته، وهذا هو الأصل في الاستدلال بخبر الواحد، وكذا الجواب عما قيل، وحكى عن أبي حنيفة أنه لا يجب الترتيب، ويجوز البداءة بالمروة، والحديث حجة عليه، وأراد بالحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم: (ابدأوا بما بدأ الله به)، رواه جابر وأخرجه النسائي. الثالث: يحسب من الصفا إلى المروة مرة، ومن المروة إلى الصفا مرة حتى يتم سبعا هذا هو الصحيح. الرابع: يشترط أن يكون السعي بعد طواف صحيح، سواء كان بعد طواف قدوم أو إفاضة، ولا يتصور وقوعه بعد طواف الوداع، فلو سعى وطاف أعاده، وعند غيرنا أعاده إن كان بمكة، فإن رجع إلى أهله بعث بدم، وشذ إمام الحرمين فقال: قال بعض أئمتنا: لو قدم السعي على الطواف اعتد بالسعي، وهذا غلط. ونقل الماوردي وغيره الإجماع في اشتراط ذلك، وقال عطاء: يجوز السعي من غير تقدم طواف وهو غريب. وفي (التوضيح): أيضا الموالاة
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»