عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٩١
بين مرات السعي سنة، فلو تخلل بيسير أو طويل بينهن لم يضر، وكذا بينه وبين الطواف، ويستحب السعي على طهارة من الحدث والنجس ساترا عورته، والمرأة تمشي ولا تسعى لأنه أستر لها. وقيل: إن سعت في الخلوة بالليل سعت كالرجل، وموضع المشي والعدو معروف، والعدو يكون قبل وصوله إلى الميل الأخضر، وهو العمود المبني في ركن المسجد بقدر ستة أذرع إلى أن يتوسط بين العمودين المعروفين، وما عدا ذلك فهو محل المشي فلو هرول في الكل لا شيء عليه، وكذا لو مشى على هينة، وعن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر يمشي بين الصفا والمروة، ثم قال: إن مشيت فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وإن سعيت فقد رأيته يسعى، وأنا شيخ كبير، أخرجه أبو داود. وفي رواية كان يقول لأصحابه: أرملوا فلو استطعت الرمل لرملت، وعنه قال: رأيت عمر، رضي الله تعالى عنه يمشي أخرجها سعيد بن منصور، وقال ابن التين: يكره للرجل أن يقعد على الصفا إلا لعذر، وضعف ابن القاسم في روايته عن مالك رفع يديه على الصفا والمروة، وقال ابن حبيب: يرفع، وإذا قلنا يرفع، فقال ابن حبيب: يرفعهما حذو منكبيه وبطونهما إلى الأرض، ثم يكبر ويهلل ويدعو. وقال غيره من المتأخرين: الدعاء والتضرع إنما يكون وبطونهما إلى السماء، ولو ترك السعي ببطن المسيل ففي وجوب الدم قولان عن مالك.
8461 حدثنا أحمد بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عاصم قال قلت لأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة قال نعم لأنها كانت من شعائر الجاهلية حتى أنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما.
(الحديث 8461 طرفه في: 6944).
مطابقته للترجمة من حيث إن الآية المذكورة فيها إثبات السعي بين الصفا والمروة.
ذكر رجاله: وهم أربعة: الأول: أحمد بن محمد، قال الدارقطني: هو أحمد بن محمد بن ثابت شبويه. قلت: أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان بن مسعود بن يزيد أبو الحسن الخزاعي المروزي المعروف بابن شبويه، مات بطرسوس سنة ثلاثين ومائتين، قاله الحافظ الدمياطي. الثاني: عبد الله بن المبارك. الثالث: عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن. الرابع: أنس بن مالك.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع والإخبار كذلك في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن شيخه من أفراده وأنه وشيخه مروزيان وأن عاصما بصري.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن محمد بن يوسف عن الثوري. وأخرجه مسلم في المناسك عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية. وأخرجه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد. وأخرجه النسائي في الحج عن يعقوب بن إبراهيم.
ذكر معناه: قوله: (أكنتم؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار. قوله: (قال: نعم) ويروى: (فقال: نعم)، بزيادة فاء العطف أي: نعم كنا نكره، وعلل الكراهة بقوله: (لأنها كانت من شعائر الجاهلية) وإنما أنث الضمير باعتبار جمع السعي وهي سبع مرات، والمراد من الشعائر العلامات التي كانوا يتعبدون بها، وقد مر الكلام في الشعائر عن قريب قيل: إنما خص السعي والطواف أيضا من شعائرهم. قلت: لا نسلم ذلك بخلاف السعي وكان لهم الصنمان اللذان ذكرناهم يتمسحون بهما ويعبدونهما في تلك البقعة.
9461 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان عن عمر و عن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته.
(الحديث 9461 طرفه في: 7524).
مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله قد مروا غير مرة، وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني، وسفيان بن عيينة وعمرو بن دينار، وفي بعض النسخ عن عمرو. وهو ابن دينار، وعطاء هو ابن أبي رباح، وقد تقدم الكلام فيه في: باب كيف كان بدء الرمل.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»