عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٨٦
يشتري الرجل صدقته إذا خرجت من يد صاحبها إلى غيره، رواه الحسن عنه، وقال به هو وابن سيرين.
0941 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تشتر ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب يروي عن أبيه أسلم يكنى أبا خالد، كان من سبي عين اليمن، ابتاعه عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، بمكة سنة إحدى عشرة، مات وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الهبة عن يحيى بن قزعة، وفي الجهاد عن إسماعيل، وفي الجهاد والهبة عن الحميدي: وأخرجه مسلم في الفرائض عن القعنبي وعن زهير بن حرب وعن ابن أبي عمرو عن أمية ابن خالد. وأخرجه النسائي في الزكاة عن الحارث بن مسكين ومحمد بن سلمة. وأخرجه ابن ماجة في الأحكام عن أبي بكر بن أبي شيبة.
ذكر معناه: قوله: (فأضاعه) أي: لم يكن يعرف قدره فكان يبيعه بالوكس، كذا فسره الكرماني، وقيل: أي يترك القيام عليه بالخدمة والعلف ونحوهما، وهذا التفسير هو الأوجه. قوله: (لا تشتره) أي: الفرس المذكور، ويروى: (لا تشتريه)، بإشباع كسرة الراء ياء. قوله: (وإن أعطاكه بدرهم) مبالغة في رخصه، وكان هو الحامل على شراه. قوله: (فإن العائد) الفاء فيه للتعليل. قوله: (كالعائد في قيئه) الغرض من التشبيه تقبيح صورة ذلك الفعل أي: كما يقبح أن يقيء ثم يأكل كذلك يقبح أن يتصدق بشيء ثم يجره إلى نفسه بوجه من الوجوه.
وفيه: كراهة الرجوع في الهبة، وفضل الحمل في سبيل الله، والإعانة على الغزو بكل شيء والخيل الضائعة الموقوفة إذا رجى صلاحها والانتفاع بها في الجهاد كالضعيف المرجو رده، منع ابن الماجشون بيعه وأجازه ابن القاسم ويوضع ثمنه في ذلك الوجه. وقال القاضي أبو محمد: لا بأس أن يركب الفرس الذي جعله في سبيل الله تعالى.
06 ((باب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم)) أي: هذا باب في بيان الحكم الذي يذكر في الصدقة لأجل النبي صلى الله عليه وسلم يعني في حقه، وفي حق آله، وقد مر تفسير الآل، وفي بعض النسخ: من الصدقة، عوض: في الصدقة، وإنما أبهم الحكم لكونه مشهورا.
1941 حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه. قال أخذ الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ ليطرحها ثم قال أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (إنا لا نأكل الصدقة)، والحديث مضى بأتم منه في: باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، وقد ذكرنا هناك ما يتعلق به وهنا زيادة، وهي قوله: (كخ كخ)، بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء المعجمة ويجوز كسرها مع التنوين، فتصير ست لغات، وإنما كرر للتأكيد، وهي كلمة تزجر بها الصبيان عند مناولة ما لا ينبغي الإتيان به، قيل: هي عربية، وقيل: أعجمية. وقال الداودي: هي معربة، وقد أوردها البخاري في: باب من تكلم بالفارسية، والمعنى هنا: اتركه وارم به. قوله: (أما شعرت؟) هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم ونحوه، وإن لم يكن المخاطب عالما به أي: كيف خفي عليك مع ظهور تحريمه، وهذا أبلغ في الزجر عنه بقوله: لا تفعله فإن قلت: روى أحمد من رواية حماد بن سلمة عن محمد
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»