عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٤٣
أعاد في الوقت كمن صلى إلى غير القبلة بالاجتهاد. وعند ابن حبيب وأصبغ: يعيد أبدا، وبقول مالك قال أحمد، وقال ابن عبد الحكم: لا يعيد مطلقا، ومحمد بن جرير الطبري منع الجميع فيها.
8951 حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالا فسألته هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانيين.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (أغلقوا عليهم) فإن قلت: من جملة الترجمة قوله: (ويصلي في أي نواحي البيت شاء)، وهذا يدل على التخيير، وفي الحديث بين اليمانيين، وهو يدل على التعيين فلا يطابق الترجمة. قلت: لم تكن صلاته صلى الله عليه وسلم في ذلك الموضع قصدا، وإنما وقع اتفاقا، وهذا لا ينافي التخيير، ولئن سلمنا أنه كان قصدا، ولكن لم يكن قصده تحتما وإنما كان اختيارا لذلك الموضع لمزية فضلة على غيره، فلا يدل على التعيين.
ورجال الحديث قد تكرر ذكرهم. وأخرجه مسلم أيضا في الحج عن قتيبة، ومحمد بن رمح. وأخرجه النسائي فيه وفي الصلاة عن قتيبة.
ذكر معناه: قوله: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت) أي: الكعبة، وكان ذلك في عام الفتح، كما جاء في رواية يونس بن يزيد عن نافع عند البخاري، كما في كتاب الجهاد. ولفظه: (أقبل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته)، وفي رواية فليح عن نافع في المغازي: وهو مردف أسامة يعني ابن زيد على القصواء، ثم اتفقا، ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتى أناخ في المسجد، وفي رواية فليح: عند البيت، وقال لعثمان: ائتنا بالمفتاح، فجاءه بالمفتاح ففتح له الباب فدخل، وفي رواية مسلم وعبد الرزاق من رواية أيوب عن نافع: ثم دعى عثمان بن طلحة بالمفتاح فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه، فقال: والله لتعطينه أو لأخرجن هذا السيف من صلبي، فلما رأت ذلك أعطته، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الباب. وظهر من رواية فليح أن فاعل: فتح، هو عثمان المذكور، ولكن روى الفاكهي من طريق ضعيف عن ابن عمر قال: كان بنو أبي طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة غيرهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح ففتحها بيده، وعثمان المذكور هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، ويقال له: الحجبي، بفتح الحاء المهملة والجيم، ولآل بيته الحجبة لحجبهم الكعبة، ويعرفون الآن بالشيبين نسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، وهو ابن عم عثمان هذا لا ولده، وله أيضا صحبة ورواية، واسم أم عثمان المذكور: سلافة، بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الفاء. قوله: (هو وأسامة)، هو: ضمير الفصل يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر هؤلاء الثلاثة أنهم دخلوا البيت مع النبي، صلى الله عليه وسلم، وفي رواية مسلم من طريق آخر: ولم يدخلها معهم أحد، وفي رواية النسائي من طريق ابن عدي عن نافع: ومعه الفضل بن عباس فيكونون أربعة، وفي رواية أحمد في حديث ابن عباس: حدثني أخي الفضل، وكان معه حين دخلها، أنه لم يصل في الكعبة. قوله: (فأغلقوا عليهم)، أي: الباب، وفي رواية حسان بن عطية عن نافع عند أبي عوانة: من داخل، وزاد يونس: فمكث نهارا طويلا، وفي رواية فليح: زمانا، بدل: نهارا. وفي رواية جويرية عن نافع التي مضت في أوائل الصلاة في: باب الصلاة بين السواري: فأطال، وفي رواية مسلم من رواية ابن عون عن نافع: فمكث فيها مليا وله من عبيد الله عن نافع، فأجافوا عليهم الباب طويلا، ومن رواية أيوب عن نافع، (فمكث فيها ساعة)، وفي رواية النسائي من طريق ابن أبي مليكة: (فوجدت شيئا فذهبت، ثم جئت سريعا فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم خارجا منها). فإن قلت: وقع في (الموطأ) فأغلقاها عليه، والضمير لعثمان وبلال، ووقع في رواية مسلم من طريق ابن عون عن نافع: (فأجاف عليهم عثمان الباب. قلت: كان عثمان هو المباشر لذلك لأنه من وظيفته، والظاهر أن بلالا كان ساعده في ذلك، فأضيف إليه لكونه مساعدا. قوله: (فلما فتحوا كنت أول من ولج)، أي: دخل، من الولوج، وهو الدخول، وفي رواية فليح: (ثم خرج فابتدر الناس: الدخول، فسبقتهم). وفي رواية أيوب: (وكنت رجلا
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»