عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٧٥
مسلم في الصلاة عن خلف بن هشام وعن قتيبة بن سعيد وأبي الربيع الزهراني ثلاثتهم عن حماد بن زيد به وعن زهير بن حرب ويعقوب بن إبراهيم الدورقي كلاهما عن إسماعيل بن أمية به وأخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل به مقطعا بعضه في الحج وبعضه في الأضاحي وأخرجه النسائي في الصلاة عن قتيبة بن سعيد عن حماد بن زيد به (ذكر معناه) قوله ' نحن ' الواو فيه للحال قوله ' ثم بات بها ' أي بذي الحليفة قوله ' حتى استوت به راحلته ' أي قامت به ناقته يعني رفعته مستويا على ظهرها ولفظ به حال أي استوت ملتبسة برسول الله قوله ' على البيداء ' وقد ذكرنا أنه الشرف الذي قدام ذي الحليفة قوله ' ثم أهل بحج وعمرة ' يعني جمع بينهما وهذا هو القران قوله ' وأهل الناس ' أي الذين كانوا معه بهما أي بالحج والعمرة قوله ' فلما قدمنا ' أي مكة قوله ' أمر الناس فحلوا ' أي أمر الناس الذين كانوا معه ولم يسوقوا الهدي بالتحلل فحلوا أي صاروا حلالا وسأل الكرماني سؤالا فقال كيف جاز للقارن أن يحل قبل إتمام الحج وما ذاك إلا للمتمتع ثم أجاب بأن العمرة كانت عندهم منكرة في أشهر الحج كما هو رسم الجاهلية فأمرهم بالتحلل من حجهم والانفساخ إلى العمرة تحقيقا لمخالفة رسمهم وتصريحا بجواز الاعتمار في تلك الأشهر انتهى (قلت) هذا ليس بجواب والجواب الصواب أنه إنما أمرهم بالتحلل لأنهم لم يسوقوا الهدي ولم يقل أحد أنهم كانوا قارنين في هذه الحالة حتى يرد هذا السؤال وإنما كان النبي هو القارن وقوله العمرة كانت عندهم منكرة إنما كان إنكارهم قبل هذا بمدة في الجاهلية وفي هذه الحالة لم يكونوا منكرين فمن ادعى بخلاف ذلك فعليه البيان قوله ' حتى كان يوم التروية ' برفع يوم لأن كان تامة فلا تحتاج إلى خبر ويوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة وسميت بالتروية لأنهم كانوا يروون دوابهم بالماء ويحملونه معهم أيضا في الذهاب من مكة إلى عرفات قوله ' قياما ' أي قائمات وانتصابه على الحال قوله ' أملحين ' تفنية أملح وهو الأبيض الذي يخالطه سواد وكان النحر للبدنات في مكة والذبح للكبش الذي للأضحية في المدينة يوم العيد (ذكر ما يستفاد منه) فيه أن الذي يريد السفر له أن يقصر الرباعية من بعد خروجه. وفيه أن للمحرم أن يحمد الله ويسبحه ويكبره قبل الإهلال. وفيه التصريح بأنه كان قارنا بقوله ثم أهل بحج وعمرة وهذا هو عين القران والمنكر هنا معاند وقد ثبت بأحاديث أخر صحيحة أنه كان قارنا على ما نذكر إن شاء الله تعالى (فإن قلت) قد رد ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هذا القول على أنس وقال كان أنس حينئذ يدخل على النساء فنسب إليه الصغر وقلة الضبط حتى نسب إلى رسول الله بالقران وقال المهلب رد ابن عمر على أنس رضي الله تعالى عنه قوله هذا فقال مثل ذكرنا (قلت) هذا فيه نظر لأن حجة الوداع كانت وسن أنس رضي الله تعالى عنه نحو العشرين فكيف يدخل على النساء وقد جاء في الصحيح أنه منع من الدخول عليهن حين بلغ خمس عشرة سنة وذلك قبل الحجة بنحو خمس سنين وأيضا فسنه نحو سن ابن عمر ولعله لا يكون بينهما إلا نحو من سنة أو دونها (فإن قلت) قال ابن بطال ومما يدل على قلة ضبط أنس قوله في الحديث فلما قدمنا أمر النبي فحلوا حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج وهذا لا معنى له ولا يفهم أنه كان النبي قارنا كما قال والأمة متفقة على أن القارن لا يجوز له الإحلال حتى يفرغ من عمل الحج كله فلذلك أنكر عليه ابن عمر وإنما حل من كان أفرد الحج وفسخه في عمرة ثم تمتع (قلت) ولو قال ابن بطال ومن يقول مثل قوله لا ينهضون أن ينفوا صفة القران عن النبي في حجه وذلك لأن الذين رووا الإفراد اختلف عنهم ومن روى القران لم يختلف عليه فالأخذ بقول من لم يختلف عليه أولى ولأن معه زيادة وهي مقبولة من الثقة وقال ابن حزم وروى القران عن جميع من روى الإفراد وهم عائشة وجابر وابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم قال ووجدنا أيضا عن علي بن أبي طالب وعمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما وروى عنهما التمتع وروى عنهما القران قال ووجدنا أم المؤمنين حفصة والبراء بن عازب وأنس بن مالك لم تضطرب الرواية عنهم ولا اختلاف عنهم في ذلك فيترك رواية كل من قد اضطربت الرواية عنه ويرجع إلى رواية من لا تضطرب عنه وهذا وجه العمل على قول
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»