عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٢٤
صلى الله عليه وسلم: فحجي عنه. وأخرج مسلم أيضا عن يحيى بن يحيى عن مالك نحو رواية البخاري، وقال الترمذي: وروي عن ابن عباس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: فسألت محمدا عن هذه الروايات فقال: أصح شيء في هذا ما روي عن ابن عباس عن الفضل ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال محمد: ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم روى هكذا فأرسله ولم يذكر الذي سمعه منه، قال أبو عيسى: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث. قيل: قول الترمذي: وروي عن ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني عن عمته عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيه نظر من حيث إن الموجود بهذا الإسناد هو حديث آخر في المشي إلى الكعبة لا عن الكبير العاجز، رواه الطبراني من رواية عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن كريب عن كريب عن ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني، أن عمته حدثته أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله توفيت أمي وعليها مشي إلى الكعبة نذرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تستطيعين أن تمشين عنها؟ قالت: نعم، قال: فامشي عن أمك. قالت: أو يجزيء ذلك عنها؟ قال: نعم، أرأيت لو كان عليها دين ثم قضيتيه عنها هل كان يقبل منك؟ قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فالله أحق بذلك). وأجيب عنه بأنه أراد أن يبين الاختلاف في هذا الحديث عن ابن عباس في المتن والإسناد معا، وهذا اختلاف في متنه. وقال الترمذي في (العلل الكبير) عن محمد: الصحيح الزهري عن سليمان عن ابن عباس عن الفضل. قلت: كان عبد الله يرويه عن الفضل وعن حصين بن عوف قال: أرجو أن يكون صحيحا، ويحتمل أن يكون عبد الله روى هذا عن غير واحد ولم يذكر الذي سمعه منه، ويحتمل أن يكون كله صحيحا قلت: حديث حصين رواه ابن ماجة عن ابن نمير عن أبي خالد الأحمر عن محمد بن كريب عن أبيه (عن ابن عباس أخبرني حصين، قلت: يا رسول الله إن أبي أدركه الحج ولا يستطيع أن يحج إلا معترضا. فصمت ساعة، ثم قال: حج عن أبيك).
ذكر معناه: قوله: (كان الفضل) هو الفضل بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو العباس المدني ابن عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأمه أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث ابن حزن الهلالية، وكان شقيق عبد الله بن عباس رواه عنه أخوه عبد الله بن عباس وغيره، وقيل: لم يسمع منه سوى أخيه عبد الله وأبي هريرة ومن عداهما، فروايته عنه مرسلة، قتل يوم اليرموك في عهد أبي بكر، رضي الله تعالى عنه، وقيل: قتل يوم مرج الصفر سنة ثلاث عشرة، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة. وقال أبو داود: قتل بدمشق، وقال الواقدي: مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وقال ابن سعد: كان اسن ولد عباس، رضي الله تعالى عنهما، خرج إلى الشام مجاهدا فمات بناحية الأردن في طاعون عمواس في سنة ثماني عشرة من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه. قوله: (رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهو الذي يركب وراء الراكب، وقد جمع ابن منده الأصفهاني كتابا فيه أسماء من أردفه سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معه على الدابة فبلغ بهم نيفا وثلاثين رجلا. قوله: (فجاءت امرأة من خثعم) بفتح الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة وفتح العين المهملة، وهي قبيلة باليمن، وفي رواية: (وقالت امرأة من جهينة)، وهاتان القبيلتان لا تجتمعان لأن جهينة هو ابن زيد بن ليث بن الأسود بن أسلم بن ألحاف بن قضاعة. وخثعم هو ابن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان. وفي (التوضيح): هذه المرأة يجوز أن تكون غاثية أو غايثة، بالغين المعجمة فيهما. واعلم أنه قد اختلفت طرق الأحاديث في السائل عن ذلك: هل هو امرأة أو رجل؟ وفي المسؤول عنه أن يحج عنه أيضا: هل هو أب أو أم أو أخ؟ فأكثر طرق الأحاديث الصحيحة دالة على أن السائل امرأة، وأنها سألت عن أبيها، كما هو في أكثر طرق حديث الفضل، وأكثر طرق عبد الله بن عباس، وكذلك في حديث علي، رضي الله تعالى عنه: قال: (وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة...) الحديث، وفيه: (فاستفتته جارية شابة من خثعم. فقالت: إن أبي شيخ كبير...) الحديث. وفي رواية للنسائي في حديث الفضل أن السائل رجل سأل عن أمه، وفي (صحيح ابن حبان) في حديث ابن عباس، رضي الله تعالى عنه: أن السائل رجل سأل عن أبيه، وعند النسائي أيضا: أن امرأة سألته عن أبيها مات ولم يحج، وفي حديث بريدة أخرجه الترمذي: أن امرأة سألت عن أمها، وفي حديث حصين بن عوف
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»