عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٦٣
الركوع كفيه على ركبتيه، وأشار به إلى أن هذا هو السنة في هذه الحالة، وأن التطبيق منسوخ كما سنذكره، إن شاء الله تعالى.
وقال أبو حميد في أصحابه أمكن النبي صلى الله عليه وسلم يديه من ركبتيه أبو حميد، بضم الحاء: اختلف في اسمه، فقيل: عبد الرحمن، وقيل: المنذر بن سعد بن المنذر، وقيل: المنذر بن سعد بن مالك، وقيل: المنذر ابن سعد بن عمرو الخزرجي الساعدي الصحابي، وقد مر في: باب فضل استقبال القبلة.
قوله: (في أصحابه) أي: في حضور أصحابه. وهذا التعليق خرجه البخاري مسندا في: باب سنة الجلوس في التشهد، مطولا، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
790 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن أبي يعفور قال سمعت مصعب بن سعد يقول صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني أبي وقال كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب.
مطابقته للترجمة في قوله: (وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري. الثاني: شعبة بن الحجاج. الثالث: أبو يعفور، بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وضم الفاء بعدها واو ساكنة ثم راء: واسمه وقدان، بفتح الواو وسكون القاف وبالدال المهملة ثم بالألف والنون: العبدي الكوفي، والد يونس بن أبي يعفور، ويقال: اسمه واقد، والأول أشهر، وهو أبو يعفور الأكبر، وهو الصحيح، جزم به المزي وغيره، وزعم النووي: أنه يعفور الصغير عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وليس بشئ، لأن الصغير ليس مذكورا في الآخرين عن مصعب، ولا في أشياخ شعبة. الرابع: مصعب بن سعد بن أبي وقاص، أبو زرارة المدني، مات سنة ثلاث ومائة. الخامس: أبو سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة المبشرة بالجنة.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: السماع. وفيه: القول في أربعة مواضع أحدها بصيغة المضارع. وفيه: أن رواته ما بين بصري وكوفي ومدني. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي، فالتابعي الأول هو أبو يعفور، والثاني مصعب. وفيه: رواية الابن عن الأب.
ذكر من أخرجه غيره: أحرجه مسلم أيضا في الصلاة عن قتيبة وأبي كامل، كلاهما عن أبي عوانة، وعن خلف ابن هشام عن أبي الأحوص وعن ابن أبي عمر عن سفيان، ثلاثتهم عن أبي يعفور به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وعن الحكم بن موسى عن عيسى بن يونس، كلاهما عن إسماعيل ابن أبي خالد. وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر عن شعبة به، وأخرجه الترمذي عن قتيبة به. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة به وعن عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل ابن أبي خالد به، وابن ماجة عن محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر عن إسماعيل به.
ذكر معناه: قوله: (فطبقت بين كفي) قال الكرماني: أي: جعلتهما على حد واحد وألزقتهما. قلت: طبقت من التطبيق، وهو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد. قوله: (كنا نفعله فنهينا عنه وأمرنا) أي: كنا نفعل التطبيق فنهينا عنه، بضم النون على صيغة المجهول، وكذلك: أمرنا، على صيغة المجهول. وقد علم أن قول الصحابي: كنا نفعل وأمرنا ونهينا، محمول على أنه أمر لله ولرسوله، ونهي عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، لأن الصحابي إنما يقصد الاحتجاج به لإثبات شرع وتحليل وتحريم، وحكم يوجب كونه مشروعا، وقد اختلفوا في هذه الصيغ، والراجح أن حكمها الرفع لما ذكرنا. قوله: (أيدينا) أي: أكفنا، من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء. وفي رواية مسلم من طريق أبي عوانة عن أبي يعفور بلفظ: (وأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب).
ذكر ما يستفاد منه: استدل بهذا الحديث الثوري والأوزاعي وابن سيرين والحسن البصري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم: على أن المصلي إذا ركع يضع يديه على ركبتيه شبه القابض عليهما ويفرق بين أصابعه. واحتجوا
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»