عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٦٠
على رأي البصريين. قوله: (فلما قضى الصلاة) أي: أداها، وليس المراد به القضاء الاصطلاحي. قوله: (قد ذكرني)، بتشديد الكاف، وفي رواية الكشميهني: (لقد ذكرني). قوله: (هذا)، أي: علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، وذلك لأنه كان يكبر في كل انتقالاته. قوله: (أو قال)، شك من أحد رواته، قيل: يحتمل أن يكون الشك من حماد، لأن أحمد رواه من رواية سعيد ابن أبي عروبة بلفظ: (صلى بنا مثل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ولم يشك، وفي رواية قتادة: (عن مطرف قال عمران: ما صليت منذ حين أو منذ كذا وكذا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الصلاة).
ذكر ما يستفاد منه: استدل البعض بقوله: (صليت خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران) على أن موقف الاثنين يكون خلف الإمام خلافا لمن يقول يجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله. قلت: هذا استدلال غير تام، لأنه لم يذكر فيه أنه لم يكن معهما غيرهما. وفيه: خص بذكر السجود والرفع والنهوض من الركعتين فقط، وقد عم في رواية أبي العلاء إشعارا بأن هذه المواضع الثلاثة هي التي كان ترك التكبير فيها حتى تذكرها عمران بصلاة علي، رضي الله تعالى عنه. وفيه: قال ابن بطال: ترك التكبير فيما ترك التكبير يدل على أن السلف لم يتلقوه على أنه ركن من الصلاة، وقال بعضهم: ونقل الطحاوي الإجماع على: أن من تركه فصلاته تامة، وفيه نظر، لما تقدم عن أحمد، والخلاف في بطلان صلاته ثابت في مذهب مالك، إلا أن يريد إجماعا سابقا. قلت: لم يقل الطحاوي هكذا، وإنما قال: هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير في كل رفع وخفض أولى من حديث عبد الرحمن بن أبزى، وأكثر تواترا، وقد عمل بها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلي، رضي الله تعالى عنهم، وتواتر بها العمل إلى يومنا هذا لا ينكر ذلك منكر، ولا يدفعه دافع. انتهى. قلت: أراد بالآثار المروية التي أخرجها عن عبد الله بن مسعود وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك، وأشار بهذا أيضا إلى أن من جملة أسباب الترجيح كثرة عدد الرواة وشهرة المروي حتى إذا كان أحد الخبرين يرويه واحد، والآخر يرويه اثنان، فالذي يرويه اثنان أولى بالعمل به. وقوله: وتواتر بها العمل.. إلى آخره، إشارة إلى أنه يصير كالإجماع، وفرق بين: كالإجماع والإجماع.
787 حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم عن أبي بشر عن عكرمة قال رأيت رجلا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع وإذا قام وإذا وضعع فأخبرت ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال أوليس تلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لا أم لك (الحديث 787 طرفه في: 788).
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: عمرو، بفتح العين: ابن عون، بفتح العين أيضا ابن أوس السلمي الواسطي. الثاني: هشيم بن بشير السلمي الواسطي. الثالث: أبو بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: واسمه جعفر بن أبي وحشية، واسمه إياس الواسطي. الرابع: عكرمة، مولى ابن عباس. الخامس: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في موضعين. وفيه: ثلاثة واسطيون متوالية. وفيه: عن أبي بشر، وفي رواية سعيد بن منصور، عن هشيم: أن أبا بشر حدثه.
ذكر معناه: قوله: (رأيت رجلا عند المقام) أي: مقام إبراهيم، عليه السلام، وفي رواية الإسماعيلي: (صليت خلف شيخ بالأبطح). وفي أول الباب الذي يلي هذا الباب: (صليت خلف شيخ بمكة)، وفي رواية السراج من طريق خبيب ابن الزبير عن عكرمة: (رأيت رجلا يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم). فإن قلت: ما التوفيق بين هذه الروايات الأربع؟ قلت: أما أنه لا منافاة بين قوله: (بالمقام)، وبين قوله: (بمكة)، و: (بالأبطح)، لأن المقام والأبطح في مكة، لأنه يحتمل أنه صلى مرة بالمقام ومرة بالأبطح، ويصدق عليه أنه صلى بمكة، وأما بين قوله: (بمكة)، وبين قوله: (في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم)، منافاة ظاهرة، ولا يدفع إلا بالحمل على التعدد، أو يحمل قوله: (في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم) على الشذوذ. وقال بعضهم: فإن لم يحمل
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»