عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٩٢
' من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليتم صلاته فإذا فرغ من صلاته فليعد التي نسي ثم ليعد التي صلاها مع الإمام ' وقال الدارقطني صحيح أنه من قول ابن عمر كذا رواه مالك عن ابن عمر من قوله وقال عبد الحق وقد وقفه سعيد بن عبد الرحمن ووثقه يحيى بن معين (قلت) وأخرجه أبو حفص بن شاهين مرفوعا واستدل أيضا من يرى وجوب الترتيب بقوله ' لا صلاة من عليه صلاة ' قال أبو بكر هو باطل وتأوله جماعة على معنى لا نافلة لمن عليه فريضة وقال ابن الجوزي هذا نسمعه على ألسنة الناس وما عرفنا له أصلا وقال إبراهيم الحربي قيل لأحمد بن حنبل ما معنى قوله ' لا صلاة من عليه صلاة ' قال لا أعرف هذا البتة. وفيه ما استدل به من يرى عدم مشروعية الأذان للفائتة وأجاب من اعتبره بأن المغرب كانت حاضرة ولم يذكر الراوي الأذان لها اعتمادا على أن من عادته الأذان للحاضرة فالترك من الراوي لأنه لم يقع في نفس الأمر واعترض باحتمال وقوع المغرب بعد خروج الوقت بعد نهي إيقاعها فيه (قلت) هذا الاعتراض على مذهب من يرى بضيق وقت المغرب ومع هذا يندفع بتقديمه العصر عليها وهو حجة على من يرى بضيق وقت المغرب والله تعالى أعلم 37 ((باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة)) أي: هذا باب يذكر فيه أن من نسي صلاة حتى خرج وقتها فليصلها إذا ذكرها. ولا يعيد إلا تلك الصلاة، أي: لا يقضيها. وفي بعض النسخ: ولا يعدو الفرق بينهما أن الأول نفي، والثاني نهي.
وقال إبراهيم من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة إبراهيم هو النخعي، مطابقة هذا الأثر للترجمة ظاهرة، لأن قوله: (من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها) أعم من أن يكون ذكره إياها بعد النسيان بعد شهر أو سنة أو أكثر من ذلك، وقيده بعشرين سنة للمبالغة، والمقصود أنه لا يجب عليه إلا إعادة الصلاة التي نسيها خاصة في أي وقت ذكرها. وأخرج الثوري هذا في (جامعه) موصولا عن منصور وغيره عن إبراهيم، وأشار البخاري بهذا الأثر إلى تقوية قوله: (ولا يعيد إلا تلك الصلاة)، ويحتمل أنه أشار أيضا إلى تضعيف ما وقع في بعض طرق حديث أبي قتادة عند مسلم في قضية النوم عن الصلاة، حيث قال: (فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها)، فبعضهم زعم أن ظاهره إعادة المقضية مرتين: عند ذكرها وعند حضور مثلها من الوقت الآتي. وأجيب: عن هذا: بأن اللفظ المذكور ليس نصا في ذلك، لأنه يحتمل أن يريد بقوله: (فليصلها عند وقتها)، أي: الصلاة التي تحضر، لا أنه يريد أن يعيد التي صلاها بعد خروج وقتها. فإن قلت: روى أبو داود من حديث عمران بن الحصين في هذه القصة: (من أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحا فليقض معها مثلها) قلت: قال الخطابي: لا أعلم أحدا قال بظاهره وجوبا، قال: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب ليحرز فضيلة الوقت في القضاء. انتهى. وحكى الترمذي عن البخاري: أن هذا غلط من رواية، ويؤيد ذلك ما رواه النسائي من حديث عمران بن حصين أيضا: (أنهم قالوا: يا رسول الله، ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا ينهاكم الله عن الربا ويأخذه منكم؟).
597 حدثنا أبو نعيم وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك وأقم الصلاة للذكرى.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: أبو نعيم الفضل بن دكين. الثاني: موسى بن إسماعيل المنقري التبوذكي. الثالث: همام بن يحيى. الرابع: قتادة. الخامس: أنس بن مالك.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن البخاري روى هذا الحديث عن شيخين: أحدهما: كوفي وهو أبو نعيم، وبقية الرواة بصريون. وفيه: القول في موضعين.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في الصلاة عن
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»