عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٢٩
617 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم ابن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ثم قال وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت.
مطابقته للترجمة في قوله: (لا ينادي...) إلى آخره.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، ومسلمة، بفتح الميم، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، وعبد الله هو ابن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهم.
وهذا الحديث أخرجه الطحاوي من تسع طرق صحاح: ثمانية مرفوعة، وواحدة موقوفة. الأول: عن يزيد بن سنان عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره، نحو رواية البخاري. الثاني: عن يزيد بن سنان عن عبد الله بن صالح عن الليث عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود عن أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، قال: قال سالم بن عبد الله: سمعت عبد الله يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم). الرابع: عن يزيد ابن سنان عن أبي داود الطيالسي عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن الزهري، فذكر مثله. الخامس: عن الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي عن محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
السادس: عن إبراهيم بن مرزوق عن وهب بن جرير عن شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناده، مثله. السابع: عن يونس عن ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن دينار، فذكر بإسناده مثله. الثامن: عن علي بن شيبة عن روح بن عبادة عن مالك وشعبة عن عبد الله بن دينار، فذكره بإسناده مثله، غير أنه قال: (حتى ينادي بلال أو ابن أم مكتوم)، شك شعبة. التاسع: هو الموقوف عن يونس عن ابن وهب أن مالكا حدثه عن الزهري عن سالم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، ولم يذكر ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما.
وقال أبو عمر بن عبد البر: هكذا رواه يحيى عن مالك مرسلا عن سالم، لم يقل فيه: عن أبيه، وتابعه على ذلك أكثر رواة (الموطأ)، وممن تابعه على ذلك: ابن القاسم والشافعي وابن بكير وأبو المصعب وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومصعب الزبيري ومحمد بن الحسن ومحمد بن المبارك الصوري وسعيد بن عفير ومعن بن عيسى، ووصله جماعة عن مالك فقالوا فيه: عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وممن رواه مسندا هكذا: القعنبي وعبد الرزاق وأبو قرة موسى بن طارق وروح بن عبادة وعبد الله بن نافع ومطرف وابن أبي أويس وعبد الرحمن ابن مهدي وإسحاق بن إبراهيم الخبيبي ومحمد بن عمر الواقدي وأبو قتادة الحراني ومحمد بن حرب الأبرش وزهير ابن عباد وكامل بن طلحة وابن وهب في رواية أحمد بن صالح عنه. وأما أصحاب ابن شهاب فرووه متصلا مسندا عن ابن شهاب.
ذكر معناه: قوله: (إن بلالا يؤذن بليل)، وفي رواية الطحاوي: (إن بلالا ينادي بليل)، ومعناهما واحد، لأن معنى قوله: ينادي يؤذن، والباء في: بليل، للظرفية. قوله: (حتى ينادي) أي: حتى يؤذن ابن أم مكتوم، واسمه: عبد الله، ويقال: عمرو وهو الأكثر، ويقال: كان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي العامري، واسم أم مكتوم: عاتكة بنت عبد الله بن عنكشة بن عامر بن مخزوم، وهو ابن خال خديجة بنت خويلد، رضي الله تعالى عنها. وابن أم مكتوم هاجر إلى المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة، وشهد فتح القادسية، وقتل شهيدا، وكان معه اللواء يومئذ. وقيل: رجع إلى المدينة ومات بها، وهو الأعمى المذكور في سورة: عبس، ومكتوم من: الكتم، سمي به لكتمان نور عينيه. قوله: (ثم قال وكان رجلا أعمى). قيل: إن هذا القائل هو ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، وبذلك جزم الشيخ الموفق في (المغنى) قلت: في رواية الطحاوي: قال ابن شهاب؛ وكان رجلا أعمى، وكذا في رواية الإسماعيلي عن أبي خليفة. فإن قلت: فعلى هذا في رواية البخاري إدراج. قلت: لا نسلم ذلك لأنه لا يمنع كون ابن شهاب قاله أن يكون شيخه قاله، وكذا شيخ شيخه، والدليل عليه ما في رواية البيهقي: عن الربيع بن سليمان... الحديث المذكور، وفيه: قال سالم: وكان رجلا ضرير البصر. قوله: (أصبحت)، أي: قاربت الصباح، لأن قرب الشيء قد يعبر عنه كما في قوله تعالى: * (فإذا بلغن
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»