عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٧٠
وقال معمر رأيت الزهري يلبس من ثياب اليمن ما صبغ بالبول.
معمر، بفتح الميم: هو ابن الراشد، والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب، ووصله عبد الرزاق في (مصنفه) عنه. قوله: (بالبول) إن كان المراد منه جنس البول فهو محمول على أنه كان يغسله قبل لبسه، وإن كان المراد منه البول المعهود، وهو بول ما يؤكل لحمه فهو طاهر عند الزهري.
وصلى علي في ثوب غير مقصور.
50 50 علي: هو ابن أبي طالب، وأراد: بغير مقصور الخام. والمراد أنه كان جديدا لم يغسل. وقال ابن التين: غير مقصور، أي: غير مدقوق. يقال: قصرت الثوب إذا دققته، ومنه القصار. قلت: القصر ليس مجرد الدق، والدق لا يكون إلا بعد الغسل الذي يبالغ فيه. وقال الداودي: أي لم يلبس بعد، وروى ابن سعد من طريق عطاء بن محمد. قال: (رأيت عليا رضي ا تعالى عنه، صلى وعليه قميص كرابيس غير مغسول). وعلم من هذه الآثار الثلاثة جواز لبس الثياب التي ينسجها الكفار، وجواز لبس الثياب التي تصبغ بالبول بعد الغسل، وجواز لبس الثياب الخام قبل الغسل. وقال ابن بطال: اختلفوا في الصلاة في ثياب الكفار، فأجاز الشافعي والكوفيون لباسها، وإن لم تغسل حتى تتبين فيها النجاسة. وقال مالك: يستحب أن لا يصلي على الثياب إلا من حر أو برد أو نجاسة بالموضع، وقال مالك أيضا: تكره الصلاة في الثياب التي ينسجها المشركون، وفيما لبسوه، فإن فعل يعيد في الوقت. وقال إسحاق جميع ثيابهم طاهرة.
فإن قلت: ما مناسبة أثر الزهري وعلي للترجمة؟ قلت: لما ذكر أثر الحسن المطابق للترجمة ذكر الأثرين الآخرين استطرادا.
36392 ح دثنا يحيى قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن مغيرة ابن شعبة قال كنت مع النبي في سفر فقال يا مغيرة خذ الإداوة فأخذتها فانطلق رسول الله حتى توارى عني فقضى حاجته وعليه جبة شامية فذهب ليخرج يده من كمها فضاقت فأخرج يده من أسفلها فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة ومسح على خفيه ثم صلى..
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم ستة. الأول: يحيى بن موسى أبو زكريا البلخي، يعرف بخت، بفتح الخاء المعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق. وقال الغساني في (التقييد): قال البخاري في باب الصلاة في الجبة الشامية وفي الجنائز وفي تفسير سورة الدخان: حدثنا يحيى حدثنا أبو معاوية، فنسب ابن السكن الذي في الجنائز بأنه يحيى بن موسى البلخي، وأهمل الموضعين الآخرين، ولم أجدهما منسوبين لأحد من شيوخنا. وقال الكرماني: وأنا وجدته في بعض النسخ منسوبا إلى جعفر ابن أبي زكريا البخاري البيكندي، ويحتمل أن يكن يحيى بن معين: لأنه روى عن أبي معاوية، والبخاري يروي عنه. الثاني: أبو معاوية محمد بن خازم، بالمعجمتين. الثالث: سليمان بن مهران الأعمش. الرابع: مسلم بن صبيح، بضم الصاد: أبو الضحى العطار، وتردد الكرماني في هذا، فقال: مسلم بن عمران البطين، بفتح الباء الموحدة، أو مسلم بن صبيح، وكذا تردد في أبي معاوية. وقال محمد بن خازم: ويحتمل أن يراد به أبو معاوية شيبان النحوي، ثم قال: وأمثال هذه الترددات لا تقدح في صحة الحديث ولا في إسناده، لأن أيا كان منهم فهو عدل ضابط بشرط البخاري، بدليل أنه قد روى في (الجامع) عن كل منهم. وقال بعضهم: لم يرو يحيى عن شيبان. قلت: هذا نفي لا يعارض الإثبات. الخامس: مسروق بن الأجدع الهمداني، سمي به لأنه سرق في صغره. السادس: المغيرة بن شعبة رضي ا تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: أن رواته ما بين بلخي وكوفي.
تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن موسى بن إسماعيل، وفي
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»