عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
وقوله: (فإذا رفع من السجود أعادها. وقوله في غير رواية مسلم: (خرج علينا حاملا أمامة فصلى). وذكر الحديث، وأما قضية الخميصة فلأنها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يشغل القلب، وإن أشغله فيترتب عليه فوائد وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره، فاحتمل ذلك الشغل بهذه الفوائد بخلاف الخميصة، فالصواب الذي لا معدل عنه أن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد فهو جائز لنا، وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين. قلت: وجه آخر لرد كلام الخطابي، قوله: (فقام فأخذها فردها في مكانها)، وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه لا من أمامة، وقال بعض أصحاب مالك: لأنه عليه السلام لو تركها لبكت وشغلت سره في صلاته أكثر من شغله بحملها، وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة. وقال الباجي: إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان صلاته. وقال الفاكهاني: كان السر في حمل أمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، وخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز إدخال الصغار في المساجد. ومنها: جواز صحة صلاة من حمل آدميا، وكذا من حمل حيوانا طاهرا. ومنها: أن فيه تواضع النبي، عليه الصلاة والسلام، وشفقته على الصغار وإكرامه لهم ولوالديهم.
701 ((باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض)) أي: هذا باب فيه إذا صلى، وجواب: إذا محذوف تقديره صحت صلاته أو معناه: باب هذه المسألة، وهي ما يقوله الفقهاء إذا صلى إلى فراش فيه حائض كيف يكون حكمه يكره أم لا؟ وحديث الباب على عدم الكراهة.
715661 ح دثنا عمرو بن زرارة قال أخبرنا هشيم عن الشيباني عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث قالت كان فراشي حيال مصلى النبي فربما وقع ثوبه على فراشي..
مطابقته للترجمة ظاهرة عند التأمل، ولكن اعترض فيه بوجهين: الأول: كيف دل على الترجمة التي هي كون المصلي منتهيا إلى الفراش، لأنه قال: إذا صلى إلى فراش. وكلمة: إلى لانتهاء الغاية؟ والثاني: أن هذا الحديث يدل على اعتراض المرأة بين المصلي وقبلته، فهذا يدل على جواز القعود، لا على جواز المرور. وأجيب: عن الأول: بأنه لا يلزم أن يكون الانتهاء من جهة القبلة، وكما أنها منتهية إلى جنب رسول الله فرسول الله ينتهي إليها وإلى فراشها. وعن الثاني: بأن ترجمة الباب ليست معقودة للاعتراض، فإن المتعلق بالاعتراض قد تقدم، والذي قصده البخاري: بيان صحة الصلاة ولو كانت الحائض بجنب المصلي ولو أصابتها ثيابه، لا كون الحائض بين المصلي وبين القبلة.
ذكر رجاله وهم خمسة الأول: عمرو، بالواو: وابن زرارة، بضم الزاي ثم بالراء المكررة، وقد تقدم في باب قدركم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة؟ الثاني: هشيم، مصغرا: ابن بشير، بضم الباء الموحدة: الواسطي، مات ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة. الثالث: الشيباني أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي. الرابع: عبد ا بن شداد، بتشديد الدال: ابن الهاد، واسمه: أسامة الكوفي. الخامس: أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث إحدى زوجات النبي.
ذكر لطائف إسناده) فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: الإخبار كذلك في موضع واحد، والإخبار بصيغة الإفراد من الماضي في موضع واحد. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: أن رواته ما بين واسطي وكوفي.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره قد ذكرنا هذا، ومعنى الحديث وما يتعلق به من الأحكام في باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته في السجود، فإنه أخرج هذا الحديث هناك: عن مسدد عن خالد عن الشيباني.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 » »»