عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٩١
في الصلاة عن عبد بن حميد ومحمد بن رافع. وأخرجه النسائي في عشرة النساء، وفي الوفاة عن محمد بن منصور، وفي الوفاة أيضا عن سويد بن نصر عن ابن المبارك به، ولم يذكر ابن عباس. أخرجه الترمذي في الجنائز عن ابن إسماعيل عن سفيان به.
بيان اللغات والإعراب قوله: (لما ثقل)، بضم القاف، يقال: ثقل الشيء ثقلا، مثال صغر صغرا، فهو ثقيل. وقال أبو نصر: أصبح فلان ثاقلا إذا أثقله الملاض، والثقل ضد الخفة، والمعنى ههنا: اشتد مرضه، ويفسره قولها بعده: واشتد به وجعه، وأما: الثقل، بفتح الثاء وسكون القاف، فهو مصدر: ثقل، بفتح القاف: الشيء في الوزن يثقله ثقلا، من باب: نصر ينصر، إذا وزنه. وكذلك: ثقلت الشاة إذا رفعتها للنظر ما ثقلها من خفتها. وقال بعضهم: وفي القاموس: ثقل كفرح يعنى بكسر القاف فهو ثاقل وثقيل: اشتد مرضه. قلت: هذا يحتاج إلى نسبته إلى أحد من أئمة اللغة المعتمد عليهم. قوله: (في أن يمرض) على صيغة المجهول، من: التمريض، يقال: مرضه تمريضا إذا أقمت عليه في مرضه، يعني: خدمته فيه. ويحتمل أن يكون التشديد فيه للسلب والإزالة كما تقول قردت البعير إذا أزلت قراده، والمعني هنا: أزلت مرضه بالخدمة. قوله: (فأذن) بتشديد النون لأنه جماعة النساء، أي: أذنت زوجات النبي، عليه الصلاة والسلام، أن يمرض في بيتها. قوله: (تخط رجلاه) بضم الخاء المعجمة، و: رجلاه، فاعله أي: يؤثر برجله على الأرض كأنها تخط خطا، وفي بعض النسخ: تخط، بصيغة المجهول. قوله: (قال عبيد الله) هو الراوي له عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، وهو بالإسناد المذكور بغير واو العطف. قوله: (وكانت) معطوف أيضا بالإسناد المذكور، وعباس هو ابن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (فأخبرت) أي: بقول عائشة، رضي الله عنها. قوله: (بعد ما دخل بيته) وفي بعض النسخ: (بيتها)، وأضيف إليها مجازا: بملابسة السكنى فيه. قوله: (هريقوا علي) كذا في رواية الأكثرين بدون الهمزة في أوله، وفي رواية الأصيلي: (أهريقوا)، بزيادة الهمزة. وفي بعض النسخ: (أريقوا). إعلم أن في هذه المادة ثلاث لغات. الأولى: هراق الماء يهرقه هراقة أي: صب، وأصله: أراق يريق إراقة، من باب الإفعال، وأصل: أراق يريق على وزن أفعل، نقلت حركة الياء إلى ما قبلها، ثم قلبت ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها بعد النقل، فصار أراق، وأصل: يريق يأريق على وزن: يؤفعل، مثل: يكرم، أصله: يؤكرم، حذفت الهمزة منه اتباعا لحذفها في المتكلم لاجتماع الهمزتين فيه، وهو ثقيل. اللغة الثانية: أهرق الماء يهرقه إهراقا على وزن: أفعل إفعالا. قال سيبويه: قد أبدلوا من الهمزة الهاء ثم لزمت فصارت كأنها من نفس الكلمة حذفت الألف بعد الهاء، وتركت الهاء عوضا عن حذفهم العين، لأن أصل أهرق: أريق. اللغة الثالثة: أهراق يهريق إهراياقا، فهو مهريق، والشيء مهراق ومهراق أيضا بالتحريك، وهذا شاذ، ونظيره: اسطاع يسطيع اسطياعا، بفتح الألف في الماضي، وضم الياء في المضارع وهو لغة في: أطاع يطيع، فجعلوا السين عوضا من ذهاب حركة عين الفعل، فكذلك حكم: الهاء، وقد خبط بعضهم خباطا في هذا الموضوع لعدم وقوفهم على قواعد علم الصرف. قوله: (من سبع قرب) جمع قربة، وهي ما يستقى به، وهو جمع الكثرة، وجمع القلة: قربات، بسكون الراء وفتحها وكسرها. قوله: (أوكيتهن) الأوكية جمع: وكاء، وهو الذي يشد به رأس القربة. قوله: (أعهد) بفتح الهاء اي: أوصى من باب: علم يعلم، يقال عهدت إليه أي: أوصيته. قوله: (واجلس) على صيغة المجهول اي: النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الروايات: (فاجلس) بالفاء. و : المخضب، مر تفسيره عن قريب، وزاد ابن خريمة من طريق عروة عن عائشة أنه كان من نحاس. قوله: (ثم طفقنا نصب عليه) بكسر الفاء وفتحها، حكاه الأخفش، والكسر أفصح. وهو من أفعال المقاربة، ومعناه: جعلنا نصب الماء على رأس النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (تلك) أي: القرب السبع، وفي بعض الروايات: (تلك القرب). وهو في محل النصب لأنه مفعول نصب. قوله: (حتى طفق) اي حتى جعل النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلينا، وفي: طفق، معنى الاستمرار والمواصلة. قوله: (أن قد فعلتن) أي: بأن فعلتن ما أمرتكن به من إهراق الماء من القرب الموصوفة، و: فعلتن، بضم التاء وتشديد النون، وهو جمع المؤنث المخاطب. قوله: (ثم خرج إلى الناس) أي: خرج من بيت عائشة، رضي الله عنها، وزاد البخاري فيه من طريق عقيل عن الزهري: (فصلى بهم وخطبهم)، على ما يأتي، إن شاء الله تعالى.
بيان استنباط الاحكام الأول: فيه الدلالة على وجوب القسم على النبي صلى الله عليه وسلم وإلا لم يحتج إلى الاستئذان عنهن، ثم
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»