عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٨
مطابقة هذا الحديث لإحدى ترجمتي هذا الباب ظاهرة وهي الترجمة الثانية.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: علي بن عبد الله المديني. الثاني: يحيى بن سعيد القطان. الثالث: حميد، بضم الحاء الطويل التابعي، مات وهو قائم يصلي. الرابع: بكر، بفتح الباء الموحدة ابن عبد الله بن عمر بن هلال المزني البصري. الخامس: أبوا رافع واسمه، نفيع بضم النون وفتح الفاء، الصائغ، بالغين المعجمة، البصري، تحول إليها من المدينة أدرك الجاهلية ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم. السادس: أبو هريرة رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في أربعة مواضع، والعنعنة في موضعين: وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي. وفيه: أن رواته بصريون، ومن أجل لطائفه أنه متصل، ورواه مسلم مقطوعا حميد عن أبي رافع كذا في طريق الجلودي، والحافظ الجياني، والصواب ما رواه البخاري وغيره: حميد عن بكر عن أبي رافع، وذكر أبو مسعود وخلف أن مسلما أخرجه أيضا كذلك. وقال صاحب (التلويح) قد رأينا من قاله غيرهما فدل على أن في مسلم روايتين. قلت: ذكر البغوي في (شرح السنة) أن مسلما أخرجه بإثبات بكر.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا عن عياش بن الوليد عن عبد الأعلى. وأخرجه مسلم في الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن زهير بن حرب. وأخرجه أبو داود في الصلاة عن مسدد. وأخرجه الترمذي فيه عن إسحاق بن منصور. وأخرجه النسائي فيه عن حميد بن مسعدة. وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة به.
ذكر لغاته ومعناه قوله (في بعض طريق) كذا هو في رواية الأكثر، وفي رواية كريمة والأصيلي. طرق: بالجمع وفي رواية أبي داود والنسائي: (لقيته في بعض طريق من طرق المدينة) قوله: (فانخنست) فيه روايات كثيرة. الأولى: (فانخنست) كما في الكتاب بالنون ثم بالخاء المعجمة ثم بالنون ثم بالسين المهملة، وهي رواية الكشميهني والحموي وكريمة. ومعناه تأخرت وأنقبضت ورجعت، وهو لازم ومتعد، ومنه خنس الشيطان. الثانية: فاختنست، مثل الرواية الأولى في المعنى، غير أن اللفظ في الرواية الأولى من باب الانفعال، وفي هذه الرواية من باب الافتعال. الثالثة: فانبجست، بالباء الموحدة والجيم، وكذا هو في رواية الترمذي، ومعناه اندفعت ومنه قوله تعالى: * (فانبجست منه اثنتا عشرة عينا) * (سورة الأعراف: 16) أي: جرت واندفعت، وهي رواية ابن السكن والأصيلي أيضا وأبي الوقت وابن عساكر أيضا. الرابعة: فانتجست، من النجاسة من باب الافتعال، والمعنى: اعتقدت نفسي نجسا وهو رواية المستملي. الخامسة: فانتجشت، بالشين المعجمة، من النجش، وهو الإسراع. السادسة: فانبخست، بالباء الموحدة والخاء المعجمة والسين المهملة من النخس، وهو النقص، فكأنه ظهر له نقصانه عن مماشاته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو رواية المتسملي لما اعتقد في نفسه من النجاسة. السابعة: فاحتبست، نحاء مهملة ثم تاء مثناة من فوق ثم باء موحدة ثم سين مهملة، من الاحتباس، والمعنى: حبست نفسي عن اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم. الثامنة: (فانسللت). التاسعة: (فانسل)، وهو رواية مسلم والنسائي أيضا. وقال بعض الشارحين: ولم يثبت لي من طريق الرواية غير ما تقدم، وأراد به رواية الكشميهني وأبي الوقت والمستملي، ونسب بعضها إلى التصحيف، ولا يلزم من عدم ثبوت غير الروايات الثلاث عنده عدم ثبوتها عند غيره، وليس بأدب أن ينسب بعض غير ما وقف عليه إلى التصحيف، لأن الجاهل بالشيء ليس له أن يدعي عدم علم غيره به. قوله: (يا با هريرة) بحذف الهمزة في الأب تخفيفا. قوله: (جنب) يقال: أجنب الرجل فهو جنب، وكذلك الاثنان والجمع والمذكر والمؤنث، قال ابن دريد، وهو أعلى اللغات، وقد قالوا: جنبان وأجناب، ولم يقولوا: جنبة، وفي (المنتهى) رجل جنب وامرأة جنب وقوم جنب وجنبو وأجناب، وفي (الصحاح) أجنب الرجل وجنب أيضا، بضم النون. وفي (الموعب) لابن التياني عن الفراء وقطرب جنب الرجل وجنب بسكر النون وضمها، لغتان. وقال المطرزي: يقال: من الجنابة أجنب الرجل وجنب بفتح النون وكسرها، وجنب وتجنب، لا يقال عن العرب غيره وحكى بعضهم: جنب بضم النون، وليس بالمشهور. وفي (الاشتقاق) للرماني: وأجنب الرجل لأنه يجانب الصلاة. وقال أبو منصور: لأنه نهى عن أن يقرب مواضع الصلاة وقال العتبي: سمي بذلك لمجانبة الناس وبعده منهم، حتى يغتسل. قوله: (سبحان الله) قال ابن الأنباري معناه: سبحتك تنزيها لك يا ربنا من الأولاد والصاحبة والشركاء، أي: نزهناك من ذلك. وقال القزاز: معناه: برأت الله تعالى من السوء، وقال أبو عبيدة: نسبح لك بحمدك
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 240 241 242 ... » »»