بينه وقد قدمنا ذلك (قوله أتى رجلان) هما مالك بن الحويرث راوي الحديث ورفيقه و سيأتي في باب سفر الاثنين من كتاب الجهاد بلفظ انصرفت من عند النبي صلى الله عليه وسلم أنا و صاحب لي ولم أر في شئ من طرقه تسمية صاحبه (قوله فأذنا) قال أبو الحسن بن القصار أراد به الفضل وإلا فأذان الواحد يجزئ وكأنه فهم منه أنه أمرهما أن يؤذنا جميعا كما هو ظاهر اللفظ فإن أراد أنهما يؤذنان معا فليس ذلك بمراد وقد قدمنا النقل عن السلف بخلافه وإن أراد أن كلا منهما يؤذن على حدة ففيه نظر فإن أذان الواحد يكفي الجماعة نعم يستحب لكل أحد إجابة المؤذن فالأولى حمل الأمر على أن أحدهما يؤذن والآخر يجيب وقد تقدم له توجيه آخر في الباب الذي قبله وأن الحامل على صرفه عن ظاهرة قوله فيه فليؤذن لكم أحدكم وللطبراني من طريق حماد بن سلمة عن خالد الحذاء في هذا الحديث إذا كنت مع صاحبك فأذن وأقم وليؤمكما أكبركما واستروح القرطبي فحمل اختلاف ألفاظ الحديث على تعدد القصة وهو بعيد وقال الكرماني قد يطلق الأمر بالتثنية وبالجمع والمراد واحد كقوله يا حرسي اضربا عنقه وقوله قتله بنو تميم مع أن القاتل والضارب واحد (قوله ثم أقيما) فيه حجة لمن قال باستحباب إجابة المؤذن بالإقامة إن حمل الأمر على ما مضى وإلا فالذي يؤذن هو الذي يقيم * (تنبيه) * وقع هنا في رواية أبي الوقت حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب عن أيوب فذكر حديث مالك بن الحويرث مطولا نحو ما مضى في الباب قبله وسيأتي بتمامه في باب خبر الواحد وعلى ذكره هناك اقتصر باقي الرواة (قوله حدثنا يحيى) هو القطان (قوله بضجنان) هو بفتح الضاد المعجمة وبالجيم بعدها نون على وزن فعلان غير مصروف قال صاحب الصحاح وغيره هو جبل بناحية مكة وقال أبو موسى في ذيل الغريبين هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة وقال صاحب المشارق ومن تبعه هو جبل على بريد من مكة وقال صاحب الفائق بينه وبين مكة خمسة و عشرون ميلا وبينه وبين وادي مريسعة أميال انتهى وهذا القدر أكثر من بريدين وضبطه بالأميال يدل على مزيد اعتناء و صاحب الفائق ممن شاهد تلك الأماكن واعتنى بها خلاف من تقدم ذكره ممن لم يرها أصلا ويؤيده ما حكاه أبو عبيد البكري قال وبين قديد وضجنان يوم قال معبد الحزاعي قد جعلت ماء قديد موعدي * وماء ضجنان لها ضحى الغد (قوله وأخبرنا) أي ابن عمر (قوله كان يأمر مؤذنا) في رواية مسلم كان يأمر المؤذن (قوله ثم يقول على أثره) صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان وقال القرطبي لما ذكر رواية مسلم بلفظ يقول في آخره ندائه يحتمل أن يكون المراد في آخره قبيل الفراغ منه جمعا بينه وبين حديث ابن عباس انتهى وقد قدمنا في باب الكلام في الأذان عن ابن خزيمة أنه حمل حديث ابن عباس على ظاهره وأن ذلك يقال بدلا من الحيعلة نظرا إلى المعنى لأن معنى حي على الصلاة هلموا إليها ومعنى الصلاة في الرحال تأخروا عن المجئ ولا يناسب إيراد اللفظين معا لأن أحدهما نقيض الآخر أه ويمكن الجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بان يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص ومعنى هلموا إلى الصلاة ندب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة ولو تحمل المشقة ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٩٣)