شرف لوقوع أعمال الحج فيه وبقيه أعمال الحج أنكر في أيام التشريق كالرمي والطواف وغير ذلك من تتماته فصارت مشتركة معها في أصل الفضول ذلك اشتركت معها في مشروعية التكبير في كل منها وبهذا تظهر مناسبة إيراد الآثار المذكورة في صدر الترجمة لحديث ابن عباس كما تقدمت الإشارة إليها * ثالثها أن بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهو يوم العيد وكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركتها فيه أيام التشريق لأن يوم العيد بعض كل منها بل هو رأس كل منها وشريفه وعظيمه وهو يوم الحج الأكبر كما سيأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى (قوله قالوا ولا الجهاد) في رواية سلمة بن كهيل المذكورة فقال رجل ولم أر في شئ من طرق هذا الحديث تعيين هذا السائل وفي رواية غندر عند الإسماعيلي قال ولا الجهاد في سبيل الله مرتين وفي رواية سلمة بن كهيل أيضا حتى أعادها ثلاثا ودل سؤالهم هذا على تقرر أفضلية الجهاد عندهم وكأنهم استفادوه من قوله صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله عن عمل يعدل الجهاد فقال لا أجده الحديث وسيأتي في أوائل كتاب الجهاد من حديث أبي هريرة ونذكر هناك وجه الجمع بينه وبين هذا الحديث إن شاء الله تعالى (قوله إلا رجل خرج) كذا للأكثر والتقدير إلا عمل رجل وللمستملي إلا من خرج (قوله يخاطر) أي يقصد قهر عدوه ولو أدى ذلك إلى قتل نفسه (قوله فلم يرجع بشئ) أي فيكون أفضل من العامل في أيام العشر أو مساويا له قال ابن بطال هذا اللفظ يحتمل أمرين أن لا يرجع بشئ من ماله وإن رجع هو وأن لا يرجع هو ولا ماله بأن يرزقه الله الشهادة وتعقبه الزين بن المنير بأن قوله فلم يرجع بشئ يستلزم أنه يرجع بنفسه ولا بد أه وهو تعقب مردود فإن قوله فلم يرجع بشئ نكرة في سياق النفي فتعم ما ذكر وقد وقع في رواية الطيالسي وغندر وغيرهما عن شعبة وكذا في أكثر الروايات التي ذكرناها فلم يرجع من ذلك بشئ والحاصل أن نفى الرجوع بالشئ لا يستلزم إثبات الرجوع بغير شئ بل هو على الاحتمال كما قال ابن بطال ويدل على الثاني وروده بلفظ يقتضيه فعند أبي عوانة من طريق إبراهيم بن حميد عن شعبة بلفظ إلا من عقر جواده واهريق دمه وعنده في رواية القاسم بن أبي أيوب إلا من لا يرجع بنفسه ولا ماله وفي طريق سلمة بن كهيل فقال لا إلا أن لا يرجع وفي حديث جابر إلا من عفر وجهه في التراب فظهر بهذه الطرق ترجيح ما رده والله أعلم وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته وأن الغاية القصوى فيه بذلك النفس لله وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علق وعملا من الأعمال بأفضل الأيام فلو أفرد يوما منها تعين يوم عرفة لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة جمعا بين حديث الباب وبين حديث أبي هريرة مرفوعا خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة رواه مسلم أشار إلى ذلك كله النووي في شرحه وقال الداودي لم يرد عليه الصلاة والسلام أن هذه الأيام خير من يوم الجمعة لأنه قد يكون فيها يوم الجمعة يعني فيلزم تفضيل الشئ على نفسه وتعقب بأن المراد أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة سواء كان يوم الجمعة أم لا ويوم الجمعة فيه أفضل في غيره لاجتماع الفضلين فيه واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل
(٣٨٣)