التأخير قليلا وأما النعمان بن بشير فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سماك بن حرب قال كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعد ما تزول الشمس (قلت) وكان النعمان أميرا على الكوفة في أول خلافة يزيد بن معاوية وأما عمرو بن حريث فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا من طريق الوليد بن العيزار قال ما رأيت إماما كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث فكان يصليها إذا زالت الشمس إسناده صحيح أيضا وكان عمرو ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة أيضا وأما ما يعارض ذلك عن الصحابة فروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة وهو بكسر اللام قال صلى بنا عبد الله يعني ابن مسعود الجمعة ضحى وقال خشيت عليكم الحر وعبد الله صدوق إلا أنه ممن تغير لما كبر قاله شعبة وغيره ومن طريق سعيد بن سويد قال صلى بنا معاوية الجمعة ضحى وسعيد ذكره ابن عدي في الضعفاء واحتج بعض الحنابلة بقوله صلى الله عليه وسلم إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين قال فلما سماه عيدا جازت الصلاة فيه وقت العيد كالفطر والأضحى وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم (قوله أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك ويحيى بن سعيد هو الأنصاري (قوله كان الناس مهنة) بنون وفتحات جمع ما هن ككتبة و كاتب أي خدم أنفسهم وحكى ابن التين أنه روى بكسر أوله وسكون الهاء ومعناه بإسقاط محذوف أي ذوي مهنة ولمسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفأة أي لم يكن لهم من يكفيهم العمل من الخدم (قوله وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم) استدل البخاري بقوله راحوا على أن ذلك كان بعد الزوال لأنه حقيقة الرواح كما تقدم عن أكثر أهل اللغة ولا يعارض هذا ما تقدم عن الأزهري أن المراد بالرواح في قوله من اغتسل يوم الجمعة ثم راح الذهاب مطلقا لأنه إما أن يكون مجازا أو مشتركا وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصة وهي في قوله من راح في الساعة الأولى قائمة في إرادة مطلق الذهاب وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال لما جاء في حديث عائشة المذكور في الطريق التي في آخر الباب الذي قبل هذا حيث قالت يصيبهم الغبار والعرق لأن ذلك غالبا إنما يكون بعد ما يشتد الحر وهذا في حال مجيئهم من العوالي فالظاهر أنهم لا يصلون إلى المسجد إلا حين الزوال أو قريبا من ذلك وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب * (تنبيه) * أورد أبو نعيم في المستخرج طريق عمرة هذه في الباب الذي قبله وعلى هذا فلا اشكال فيه أصلا (قوله عن أنس) صرح في رواية الإسماعيلي من طريق زيد بن الحباب عن فليح بسماع عثمان له من أنس (قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس) فيه إشعار بمواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس وأما رواية حميد التي بعد هذا عن أنس كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشئ في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا والمعنى أنهم كانوا يبدؤن بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد عن أنس عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه وسيأتي في الترجمة التي بعد هذا التعبير بالتبكير والمراد به الصلاة في أول الوقت وهو يؤيد ما قلناه قال الزين بن المنير في الحاشية فسر البخاري حديث
(٣٢٢)