من صلاهما ولو منفردا إذ مقتضاه التحريض على فعلهما أعم من كونه جماعة أو لا (قوله فافعلوا) قال الخطابي هذا يدل على أن الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين اه وقد يستشهد لذلك بما أخرجه الترمذي من حديث بن عمر رفعه قال إن أدنى أهل الجنة منزلة فذكر الحديث وفيه وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية وفي سنده ضعف (قوله ثم قرأ) كذا في جميع روايات الجامع وأكثر الروايات في غيره بايهام فاعل قرأ وظاهره أنه النبي صلى الله عليه وسلم لكن لم أر ذلك صريح وحمله عليه جماعة من الشراح ووقع عند مسلم عن زهير بن حرب عن مروان بن معاوية بإسناد حديث الباب ثم قرأ جرير أي الصحابي وكذا أخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد فظهر أنه وقع في سياق حديث الباب وما وافقه إدراج قال العلماء ووجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية أن الصلاة أفضل الطاعات وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال وغير ذلك فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى وقيل لما حقق رؤية الله تعالى برؤية القمر والشمس وهما آيتان عظيمتان شرعت لخسوفهما الصلاة والذكر ناسب من يحب رؤية الله تعالى أن يحافظ على الصلاة عند غروبها أه ولا يخفى بعده وتكلفه والله أعلم (قوله يتعاقبون) أي تأتي طائفة عقب طائفة ثم تعود الأولى عقب الثانية قال بن عبد البر وإنما يكون التعاقب بين طائفتين أو رجلين بأن يأتي هذا مرة ويعقبه هذا ومنه تعقيب الجيوش أن يجهز الأمير بعثا إلى مدة ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز غيرهم إلى مدة ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز الأولين قال القرطبي الواو في قوله يتعاقبون علامة الفاعل المذكر المجموع على لغة بلحارث وهم القائلون أكلوني البراغيث ومنه قول الشاعر * (بحوران يعصرن السليط أقاربه) * وهي لغة فاشية وعليها حمل الأخفش قوله تعالى وأسروا النجوى الذين ظلموا قال وقد تعسف بعض النحاة في تأويلها وردها للبدل وهو تكلف مستغنى عنه فإن تلك اللغة مشهورة ولها وجه من القياس واضح وقال غيره في تأويل الآية قوله وأسروا عائد على الناس المذكورين أولا والذين ظلموا بدل من الضمير وقيل التقدير أنه لما قيل وأسروا النجوى قيل من هم قال الذين ظلموا حكاه الشيخ محي الدين والأول أقرب إذ الأصل عدم التقدير وتوارد جماعة من الشراح على أن حديث الباب من هذا القبيل ووافقهم بن مالك وناقشه أبو حيان زاعما أن هذه الطريق اختصرها الراوي واحتج لذلك بما رواه البزار من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ أن الله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة صارت وملائكة بالنهار الحديث وقد سومح في العزو إلى مسند البزار مع أن هذا الحديث بهذا اللفظ في الصحيحين فالعزو إليهما أولى وذلك أن هذا الحديث رواه عن أبي الزناد مالك في الموطأ ولم يختلف عليه باللفظ المذكور وهو قوله يتعاقبون فيكم وتابعه على ذلك عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبية أخرجه سعيد بن منصور عنه وقد أخرجه البخاري في بدء الخلق من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد بلفظ الملائكة يتعاقبون ملائكة صارت وملائكة بالنهار وأخرجه النسائي أيضا من طريق موسى بن عقبة عن أبي الزناد بلفظ أن الملائكة يتعاقبون فيكم فاختلف فيه على أبي الزناد
(٢٨)