بالأقوال ولعل تفسيرها بما هو أعم أولى فتشمل الأفعال والأقوال والأوصاف وطيبها كونها كاملة خالصة عن الشوائب وقال القرطبي قوله لله فيه تنبيه على الإخلاص في العبادة أي أن ذلك لا يفعل إلا لله ويحتمل أن يراد به الاعتراف بان ملك الملوك وغير ذلك مما ذكر كله في الحقيقة لله تعالى وقال البيضاوي يحتمل أن يكون والصلوات والطيبات عطفا على التحيات ويحتمل أن تكون الصلوات مبتدأ وخبره محذوف والطيبات معطوفة عليها والواو الأولى لعطف الجملة على الجملة والثانية لعطف المفرد على الجملة وقال ابن مالك إن جعلت التحيات مبتدأ ولم تكن صفة لموصوف محذوف كان قولك والصلوات مبتدأ لئلا يعط ف نعت على منعوته فيكون من باب عطف الجمل بعضها على بعض وكل جملة مستقلة بفائدتها وهذا المعنى لا يوجد عند إسقاط الواو (قوله السلام عليك أيها النبي) قال النووي يجوز فيه وفيما بعده أي السلام حذف اللام وإثباتها والاثبات أفضل وهو الموجود في روايات الصحيحين (قلت) لم يقع في شئ من طرق حديث ابن مسعود بحذف اللام وإنما اختلف ذلك في حديث ابن عباس وهو من أفراد مسلم قال الطيبي أصل سلام عليك سلمت سلاما عليك ثم حذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وعدل عن النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبوت المعنى واستقراره ثم التعريف إما للعهد التقديري أي ذلك السلام الذي وجه إلى الرسل والأنبياء عليك أيها النبي وكذلك السلام الذي وجه إلى الأمم السالفة علينا وعلى إخواننا وإما للجنس والمعنى أن حقيقة السلام الذي يعرفه كل واحد وعمن يصدر وعلى من ينزل عليك وعلينا ويجوز أن يكون للعهد الخارجي إشارة إلى قوله تعالى وسلام على عباده الذين اصطفى قال ولا شك أن هذه التقادير أولى من تقدير النكرة انتهى وحكى صاحب الإقليد عن أبي حامد أن التنكير فيه للتعظيم وهو وجه من وجوه الترجيح لا يقصر عن الوجوه المتقدمة وقال البيضاوي علمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر لشرفه ومزيد حقه عليهم ثم علمهم أن يخصصوا أنفسهم أولا لأن الاهتمام بها أهم ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلاما منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملا لهم وقال التوربشتي السلام بمعنى السلامة كالمقام والمقامة والسلام من أسماء الله تعالى وضع المصدر موضع الاسم مبالغة والمعنى أنه سالم من كل شئ وآفة ونقص وفساد ومعنى قولنا السلام عليك الدعاء أي سلمت من المكاره وقيل معناه اسم السلام عليك كأنه تبرك عليه باسم الله تعالى فإن قيل كيف شرع هذا الفظ وهو خطاب بشر مع كونه منهيا عنه في الصلاة فالجواب أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم فإن قيل ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب في قوله عليك أيها النبي مع أن لفظ الغيبة هو الذي يقتضيه السياق كأن يقول السلام على النبي فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي ثم إلى تحية النفس ثم إلى الصالحين أجاب الطيبي بما محصله نحن نتبع لفظ الرسول بعينه الذي كان علمه الصحابة ويحتمل أن يقال على طريق أهل العرفان إن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات أذن لهم بالدخول في حريم الحي الذي لا يموت فقرت أعينهم بالمناجاة فنبهوا على أن ذلك بواسطة نبي الرحمة وبركة متابعته فالتفتوا فإذا الحبيب في حرم الحبيب حاضر فأقبلوا عليه قائلين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته أه وقد ورد في بعض طرق حديث ابن مسعود هذا ما يقتضى المغايرة بين زمانه صلى الله عليه وسلم
(٢٥٩)