فالإسناد دائر بين مدني ومصري وأردف الرواية النازلة بالرواية العالية على عادة أهل الحديث وربما وقع لهم ضد ذلك لمعنى مناسب (قوله أنه كان جالسا في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية كريمة مع نفر وكذا اختلف على عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء ففي رواية عاصم عنه عند أبي داود وغيره سمعت أبا حميد في عشرة فرواية هشيم عنه عند سعيد ابن منصور رأيت أبا حميد مع عشرة ولفظ مع يرجح أحمد الاحتمالين في لفظ في لأنها محتملة لأن يكون أبو حميد من العشرة أو زائدا عليهم ثم إن رواية الليث ظاهرة في اتصاله بين محمد بن عمرو وأبي حميد ورواية عبد الحميد صريحة في ذلك وزعم بن القطان تبعا للطحاوي أنه غير متصل لأمرين أحدهما أن عيسى بن عبد الله بن مالك رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء فأدخل بينه وبين الصحابة عباس ابن سهل أخرجه أبو داود وغيره ثانيهما أن في بعض طرقه تسمية أبي قتادة في الصحابة المذكورين وأبو قتادة قديم الموت يصغر سن محمد بن عمرو بن عطاء عن إدراكه والجواب عن ذلك أما الأول فلا يضر الثقة المصرح بسماعه أن يدخل بينه وبين شيخه واسطة إما لزيادة في الحديث وإما ليثبت فيه وقد صرح محمد بن عمرو المذكور بسماعه فتكون رواية عيسى عنه من المزيد في متصل الأسانيد وأما الثاني فالمعتمد فيه قول بعض أهل التاريخ إن أبا قتادة مات في خلافة على وصلى عليه على وكان قتل على سنة أربعين وأن محمد بن عمرو بن عطاء مات بعد سنة عشرين ومائة وله نيف وثمانون سنة فعلى هذا لم يدرك أبا قتادة والجواب أن أبا قتادة اختلف في وقت موته فقيل مات سنة أربع وخمسين وعلى هذا فلقاء محمد له ممكن وعلى الأول فلعل من ذكر مقدار عمره أو وقت وفاته وهم أو الذي سمي أبا قتادة في الصحابة المذكورين وهو في تسميته ولا يلزم من ذلك أن يكون الحديث الذي رواه غلطا لأن غيره ممن رواه معه عن محمد بن عمرو بن عطاء أو عن عباس بن سهل قد وافقه * (فائدة) * سمي من النفر المذكورين في رواية فليح عن عباس بن سهل مع أبي حميد أبو العباس سهل بن سعد وأبو أسيد الساعدي ومحمد بن مسلمة أخرجها أحمد وغيره وسمي منهم في رواية عيسى بن عبد الله بن عباس المذكورون سوى محمد بن مسلمة فذكر بدله أبو هريرة أخرجها أبو داود وغيره وسمي منهم في رواية بن إسحاق عن عباس عند ابن خزيمة وفي رواية عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء عند أبي داود والترمذي أبو قتادة وفي رواية عبد الحميد المذكورة أنهم كانوا عشرة كما تقدم ولم أقف على تسمية الباقيين وقد اشتمل حديث أبي حميد هذا على جملة كثيرة من صفة الصلاة وسأبين ما في رواية غير الليث من الزيادة ناسبا كل زيادة إلى مخرجها إن شاء الله تعالى وقد أشرت قبل إلى مخارج الحديث لكن سياق الليث فيه حكاية أبي حميد لصفة الصلاة بالقول وكذا في رواية كل من رواه عن محمد بن عمرو بن حلحلة ونحوه رواية عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء ووافقهما فليح عن عبا س بن سهل وخالف الجميع عيسى بن عبد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس فحكى أن أبا حميد وصفها بالفعل ولفظه عند الطحاوي وابن حبان قالوا فأرنا فقام يصلي وهم ينظرون فبدأ فكبر الحديث ويمكن الجمع بين الكلب بان يكون وصفها مرة بالقول ومرة بالفعل وهذا يؤيد ما جمعنا به أولا فإن عيسى المذكور هو الذي زاد عباس بن سهل بين محمد بن عمرو بن عطاء وأبي حميد فكأن محمدا شهد هو وعباس حكاية أبي حميد بالقول فحملها عنه من تقدم ذكره وكأن عباسا شهدها وحده بالفعل فسمع ذلك منه محمد بن حميد ابن عطاء فحدث بها كذلك وقد وافق عيسى أيضا عنه عطاف بن خالد لكنه أبهم عباس بن سهل
(٢٥٣)