عند أحمد التصريح بتعيين العشاء ثم سائر الروايات عن أبي هريرة على الإبهام وقد أورده مسلم من طريق وكيع عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عنه فلم يسق لفظه وساقه الترمذي وغيره من هذا الوجه بإبهام الصلاة وكذلك رواه السراج وغيره من طرق عن جعفر وخالفهم معمر عن جعفر فقال الجمعة أخرجه عبد الرزاق عنه والبيهقي من طريقه وأشار إلى ضعفها لشذوذها ويدل على وهمه فيها رواية أبي داود والطبراني في الأوسط من طريق يزيد بن يزيد بن جابر عن يزيد بن الأصم فذكر الحديث قال يزيد قلت ليزيد بن الأصم يا أبا عوف الجمعة عنى أو غيرها قال صمت أذناي أن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر جمعه ولا غيرها فظهر أن الراجح في حديث أبي هريرة أنها لا تختص بالجمعة وأما حديث ابن أم مكتوم فسأذكر قريبا وأنه موافق لأبي هريرة وأما حديث ابن مسعود فأخرجه مسلم وفيه الجزم بالجمعة وهو حديث مستقل لأن مخرجه مغاير لحديث أبي هريرة ولا يقدح أحدهما في الآخر فيحمل على أنهما واقعتان كما أشار إليه النووي والمحب الطبري وقد وافق ابن أم مكتوم أبا هريرة على ذكر العشاء وذلك فيما أخرجه ابن خزيمة وأحمد والحاكم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد عن ابن أم مكتوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل الناس في صلاة العشاء فقال لقد هممت أني آتي هؤلاء الذين يتخلفون عن الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم فقام ابن أم مكتوم فقال يا رسول الله قد علمت ما بي وليس لي قائد زاد أحمد وأن بيني وبين المسجد شجرا ونخلا ولا أقدر على قائد كل ساعة قال أتسمع اشتراط قال نعم قال فأحضرها ولم يرخص له ولابن حبان من حديث جابر قال أتسمع الأذان قال نعم قال فأتها ولو حبوا وقد حمله العلماء على أنه كان لا يشق عليه التصرف بالمشي وحده ككثير من العميان واعتمد ابن خزيمة وغيره حديث ابن مكتوم هذا على فرضية الجماعة في الصلوات كلها ورجحوه بحديث الباب وبالأحاديث الدالة على الرخصة في التخلف عن الجماعة قالوا لأن الرخصة لا تكون إلا عن واجب وفيه نظر ووراء ذلك أمر آخر ألزم به ابن دقيق العيد من يتمسك بالظاهر ولا يتقيد بالمعنى وهو أن الحديث ورد في صلاة معينة فيدل على وجوب الجماعة فيها دون غيرها وأشار للإنفصال عنه بالتمسك بدلالة العموم لكن نوزع في كون القول بما ذكر أولا ظاهرية محضة فان قاعدة حمل المطلق على المقيد تقتضيه ولا يستلزم ذلك ترك أتباع المعنى لأن غير العشاء والفجر مظنة الشغل بالتكسب وغيره أما العصران فظاهر وأما المغرب فلأنها في الغالب وقت الرجوع إلى البيت والأكل ولا سيما للصائم مع ضيق وقتها بخلاف العشاء والفجر فليس للمتخلف عنهما عذر غير الكسل المذموم وفي المحافظة عليهما في الجماعة أيضا انتظام الألفة بين المتجاورين في طرفي النهار وليختموا النهار بالاجتماع على الطاعة ويفتتحوه كذلك وقد وقع في رواية عجلان عن أبي هريرة عند أحمد تخصيص التهديد بمن حول المسجد وسيأتي توجيه كون العشاء والفجر أثقل على المنافقين من غيرهما وقد أطلت في هذا الموضع لارتباط بعض الكلام ببعض واجتمع من الأجوبة لمن لم يقل بالوجوب عشرة أجوبة لا توجد مجموعة في غير هذا الشرح (قوله عن الأعرج) في رواية السراج من طريق شعيب عن أبي الزناد سمع الأعرج (قوله والذي نفسي بيده) هو قسم كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقسم
(١٠٧)