أنهم تزودوا منه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم حين رجعوا هل معكم من لحمه شئ فتطعمونا قال فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله معنى الحديث أن أبا عبيدة رضي الله عنه قال أولا باجتهاده ان هذا ميتة والميتة حرام فلا يحل لكم أكلها ثم تغير اجتهاده فقال بل هو حلال لكم وإن كان ميتة لأنكم في سبيل الله وقد اضطررتم وقد أباح الله تعالى الميتة لمن كان مضطرا غير باغ ولا عاد فكلوا فأكلوا منه وأما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من لحمه وأكله ذلك فإنما أراد به المبالغة في تطيب نفوسهم في حله وأن لا شك في اباحته وأنه يرتضيه لنفسه أو أنه قصد التبرك به لكونه طعمة من الله تعالى خارقة للعادة أكرمهم الله بها وفى هذا دليل على أنه لا بأس بسؤال الانسان من مال صاحبه ومتاعه إدلالا عليه وليس هو من السؤال المنهى عنه إنما ذلك في حق الأجانب للتمول ونحو وأما هذه فللمؤانسة والملاطفة والادلال وفيه جواز الاجتهاد في الأحكام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما يجوز بعده وفيه أنه يستحب للمفتي أن يتعاطى بعض المباحات التي يشك فيها المستفتى إذا لم يكن فيه مشقة على المفتى وكان فيه طمأنينة للمستفتي وفيه إباحة ميتات البحر كلها سواء في ذلك ما مات بنفسه أو باصطياد وقد أجمع المسلمون على إباحة السمك قال أصحابنا يحرم الضفدع للحديث في النهى عن قتلها قالوا وفيما سوى ذلك ثلاثة أوجه أصح يحل جميعه لهذا الحديث والثاني لا يحل والثالث يحل ما له نظير مأكول في البر دون ما لا يؤكل نظيره فعلى هذا تؤكل خيل البحر وغنمه وظباؤه دون كلبه وخنزيره وحماره قال أصحابنا والحمار وإن كان في البر مأكول وغيره ولكن الغالب غير المأكول هذا تفصيل مذهبنا وممن قال بإباحة جميع حيوانات البحر إلا الضفدع أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وابن عباس رضي الله عنهم وأباح مالك الضفدع والجميع وقال أبو حنيفة لا يحل غير السمك وأما السمك الطافئ وهو الذي يموت في البحر بلا سبب فمذهبنا أباحته وبه قال جماهير العلماء من الصحابة فمن بعدهم منهم أبو بكر الصديق وأبو أيوب وعطاء مكحول والنخعي ومالك وأحمد وأبو ثور وداود وغيرهم وقال جابر بن عبد الله وجابر بن زيد وطاوس وأبو حنيفة لا يحل دليلنا قوله تعالى لكم صيد البحر وطعامه ابن عباس والجمهور صيده ما صدتموه وطعامه ما قذفه وبحديث جابر هذا وبحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته وهو حديث صحيح وبأشياء مشهورة غير ما ذكرنا وأما الحديث المروى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ألقاه البحر وجزر عنه فكلوه وما مات فيه فطفا فلا
(٨٦)