" بينهم " وأما قولهما رضي الله عنهما (أخرجنا الجوع) وقوله صلى الله عليه وسلم (وأنا والذي نفسي بيده لأخرجن الذي أخرجكما) فمعناه أنهما لما كانا عليه من مراقبة الله تعالى ولزوم طاعته والاشتغال به فعرض لهما هذا الجوع الذي يزعجهما ويقلقلهما ويمنعهما من كمال النشاط للعبادة وتمام التلذذ بها سعيا في إزالته بالخروج في طلب سبب مباح يدفعانه به وهذا من أكمل الطاعات وأبلغ أنواع المراقبات وقد نهى عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين وبحضرة طعام تتوق النفس إليه وفى ثوب له أعلام وبحضرة المتحدثين وغير ذلك مما يشغل قلبه ونهى القاضي عن القضاء في حال غضبه وجوعه وهمه وشدة فرحه وغير ذلك مما يشغل قلبه ويمنعه كمال الفكر والله أعلم وقوله (بيوتكما) هو بضم الباء وكسرها لغتان قرئ بهما في السبع وقوله صلى الله عليه وسلم وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما فيه جواز ذكر الانسان ما يناله من ألم ونحوه لاعلى سبيل التشكي وعدم الرضا بل للتسلية والتصبر كفعله صلى الله عليه وسلم هنا ولالتماس دعاء أو مساعدة على التسبب في إزالة ذلك العارض فهذا كله ليس بمذموم إنما يذم ما كان تشكيا وتسخطا وتجزعا وقوله صلى الله عليه وسلم (فأنا) هكذا هو في بعض النسخ فأنا بالفاء وفى بعضها بالواو وفيه جواز الحلف من غير استحلاف وقد تقدم قريبا بسط الكلام فيه وتقدم بيانه مرات وقوله صلى الله عليه وسلم (قوموا فقاموا) هكذا هو في الأصول بضمير الجمع وهو جائز بلا خلاف لكن الجمهور يقولون اطلاقه على الاثنين مجاز وآخرون يقولون حقيقة وقوله (فأتى رجلا من الأنصار) هو أبو الهيثم مالك بن التيهان بفتح المثناة فوق وتشديد المثناة تحت مع كسرها وفيه جواز الا دلال على الصاحب الذي يوثق به كما ترجمنا له واستتباع جماعة إلى بيته وفيه منقبة لأبى الهيثم إذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم أهلا لذلك وكفى به شرفا ذلك وقوله (فقالت مرحبا وأهلا) كلمتان معروفتان للعرب ومعناه صادفت رحبا وسعة وأهلا تأنس بهم وفيه استحباب اكرام الضيف بهذا القول وشبهه واظهار السرور بقدومه وجعله أهلا لذلك كل هذا وشبهه اكرام للضيف وقد قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه وفيه جواز سماع كلام الأجنبية ومراجعتها الكلام للحاجة وجواز إذن المرأة في دخول منزل زوجها
(٢١٢)