ببقاء الحكم في خلافة أبى بكر وبعض خلافة عمر فإن قيل فقد يجمع الصحابة على النسخ فيقبل ذلك منهم قلنا إنما يقبل ذلك لأنه يستدل بإجماعهم على ناسخ وأما أنهم ينسخون من تلقاء أنفسهم فمعاذ الله لأنه اجماع على الخطأ وهم معصومون من ذلك فإن قيل فلعل النسخ إنما ظهر لهم في زمن عمر قلنا هذا غلط أيضا لأنه يكون قد حصل الاجماع على الخطأ في زمن أبى بكر والمحققون من الأصوليين لا يشترطون انقراض العصر في صحة الاجماع والله أعلم وأما الرواية التي في سنن أبي داود أن ذلك فيمن لم يدخل بها فقال بها قوم من أصحاب ابن عباس فقالوا لا يقع الثلاث على غير المدخول بها لأنها تبين بواحدة بقوله أنت طالق فيكون قوله ثلاثا حاصل بعد البينونة فلا يقع به شئ وقال الجمهور هذا غلط بل يقع عليها الثلاث لأن قوله أنت طالق معناه ذات طلاق وهذا اللفظ للواحدة والعدد وقوله بعده ثلاثا تفسير له وأما هذه الرواية التي لأبي داود فضعيفة رواها أيوب السختياني عن قوم مجهولين عن طاوس عن ابن عباس فلا يحتاج بها والله أعلم قوله (كانت لهم فيه أناة) هو بفتح الهمزة أي مهلة وبقية استمتاع لانتظار المراجعة قوله (تتايع الناس في الطلاق) هو بياء مثناة من تحت بين الألف والعين هذه رواية الجمهور وضبطه بعضهم بالموحدة وهما بمعنى ومعناه أكثروا منه وأسرعوا إليه لكن بالمثناة أنما يستعمل في الشر وبالموحدة يستعمل في الخير والشر فالمثناة هنا أجود وقوله (هات من هناتك) هو بكسر التاء من هات والمراد بهناتك أخبارك وأمورك المستغربة والله أعلم
(٧٢)