الأخرى قد برئت منه الذمة وفى الأخرى إذا ابق العبد لم تقبل له صلاة أما تسميته كافرا ففيه الأوجه التي في الباب قبله وأما قوله صلى الله عليه وسلم (فقد برئت منه الذمة) فمعناه لا ذمة له قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله بالذمة هنا يجوز أن تكون هي الذمة المفسرة بالذمام وهي الحرمة ويجوز أن يكون من قبيل ما جاء في قوله له ذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ضمانه وأمانته ورعايته ومن ذلك أن الآبق كان مصونا عن عقوبة السيد له وحبسه فزال ذلك باباقه والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة) فقد أوله الامام المازري وتابعه القاضي عياض رحمهما الله على أن ذلك محمول على المستحل للإباق فيكفر ولا تقبل له صلاة لا غيرها ونبه بالصلاة على غيرها وأنكر الشيخ أبو عمرو هذا وقال بل ذلك جار في غير المستحل ولا يلزم من عدم القبول عدم الصحة فصلاة الآبق صحيحة غير مقبولة فعدم قبولها لهذا الحديث وذلك لاقترانها بمعصية وأما صحتها فلوجود شروطها وأركانها المستلزمة صحتها ولا تناقض في ذلك ويظهر أثر عدم القبول في سقوط الثواب وأثر الصحة في سقوط القضاء وفى أنه لا يعاقب عقوبة تارك الصلاة هذا آخر كلام الشيخ أبى عمرو رحمه الله وهو ظاهر لاشك في حسنه وقد قال جماهير أصحابنا ان الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة لا ثواب فيها ورأيت في فتاوى أبى نصر بن الصباغ من أصحابنا التي نقلها عنه ابن أخيه القاضي أبو منصور قال المحفوظ من كلام أصحابنا بالعراق أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة يسقط بها الفرض ولا ثواب فيها قال أبو منصور ورأيت أصحابنا بخراسان اختلفوا فمنهم من قال لا تصح الصلاة قال وذكر شيخنا في الكامل أنه ينبغي أن تصح ويحصل الثواب على الفعل فيكون مثابا على فعله عاصيا بالمقام في المغصوب فإذا لم نمنع
(٥٨)