يغير ما ترى وهو كل يوم في شأن (7) إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فعليك بالصبر فإن الخير في الصبر، والصبر من الكرم، ودع الجزع فإن الجزع لا يغنيك.
ثم تكلم عمار رضي الله عنه، فقال: يا أبا ذر أوحش الله من أوحشك، وأخاف من أخافك، إنه والله ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها، إلا إنما الطاعة مع الجماعة (8) والملك لمن غلب عليه، وإن هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم إليها، ووهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
ثم تكلم أبو ذر رضي الله عنه فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بأبي وأمي هذه الوجوه فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله صلى الله عليه وآله بكم، وما لي بالمدينة شجن ولا سكن غيركم (9)، وإنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام، فآلى (10) أن يسيرني إلى بلدة فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة، فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه (11)