صرح الامام في هذا الكتاب بأن سبيله الشهادة ومآلها الفتح وكذلك كان شأن سائر أقواله وأفعاله في هذا القيام فان كلها توضح ما حمله من شعار وما اتخذ من سبيل وهدف وكان حين يدعو ويستنصر يدعو ويستنصر من يشاركه في كل ذلك على بصيرة من أمره، مثل قصته مع زهير بن القين فان الامام حين دعاه ذهب إلى الامام متكارها ثم: ما لبث - كما قال الراوي - أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه، فأمر بفسطاطه فحمل إلى الحسين (ع)، ثم قال لامرأته: أنت طالق! الحقي بأهلك، فاني لا أحب أن يصيبك من سببي إلا خير، ثم قال لأصحابه: من أحب منكم الشهادة فليقم والا فإنه آخر العهد.
أخبر زهير بمصيره قبل أن يصل إلى ركب الامام خبر استشهاد مسلم وهانئ وانقلاب أهل الكوفة على أعقابهم وأخبرهم انه سمع في غزوة بلنجر من الصحابي سلمان الباهلي أن يستبشروا بادراك هذا اليوم.
كان الامام يدعو أنصارا من هذا القبيل ويبعد عن نفسه من اتبعه أملا بوصول الامام إلى الحكم 1.
أعلن الامام عن سبيله هذا، ورفع شعاره ذلك، مرة بعد أخرى، وفي منزل بعد منزل. فقد قال في جواب ابن عمر:
يا عبد الله أما علمت أن من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل...: فلم يعجل الله عليهم بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر! ثم يقول له: اتق الله، يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي.
كأن الامام يشير في حديثه إلى أن شأنه شأن يحيى ويدعو ابن عمر إلى نصره في من اختار لنفسه من سبيل.
وقال الامام في خطبته عند توجهه إلى العراق:
خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وقد خير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملان مني أكراشا جوفا، وأحوية سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم. رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حضيرة القدس، تقر بهم عينه وينجز بهم وعده.