فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين ".
أسقط الإمام الحسين في هذه الوصية ذكر الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وذكر سيرتهم، وصرح بأنه يريد أن يسير بسيرة جده وأبيه.
وتتلخص سيرة الخلفاء في:
مجيئهم إلى الحكم استنادا إلى بيعة المسلمين إياهم كيف ما كانت البيعة ثم حكمهم المسلمين وفق اجتهاداتهم الخاصة في الاحكام الاسلامية.
وتتلخص سيرة أبيه وجده في:
حملهما الاسلام إلى الناس ودعوتهما الناس إلى العمل به، ووقوفهما عند أحكام الاسلام، كان هذا سيرتهما في جميع الأحوال، سواء أكانا حاكمين مثل عهد الرسول في المدينة والإمام علي بعد مقتل عثمان، أو غير حاكمين مثل حالهما قبل ذلك، فقد كان للرسول سيرة في مكة وللإمام علي سيرة قبل أن يلي الحكم، وسيرتهما في كلتا الحالين حمل الاسلام إلى الأمة، أحدهما بلغه عن الله والاخر عن رسول.
في كلتا الحالين دعوا إلى الاسلام وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
والإمام الحسين (ع) يريد أن يسير بسيرتهما كذلك، ولا يريد أن يسير بسيرة الخلفاء، فمن قبله بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد عليه ذلك صبر حتى يقصى الله بينه وبين عصبة الخلافة بالحق.
* * * يعرف مما أوردنا ومن سائر اعمال الامام وأقواله في أيام قيامه انه كان قد حمل إلى الناس شعار بطلان أمر الخلافة القائمة وصحة أمر الإمامة وهدفه من كل ما قال وفعل أن يؤمن الآخرون بهذا الشعار فمن آمن به اهتدى ومن لم يؤمن بعد أن بلغه نداء الامام تمت الحجة عليه، ومن ثم كان يعمل جاهدا في سبيل نشر قضيته.
كان هذان شعار الامام وهدفه واتخذ الشهادة سبيلا للوصول إلى هدفه، ولنعم ما قال الشاعر على لسانه:
إن كان دين محمد لم يستقم * الا بقتلي يا سيوف خذيني ومما يدل على ذلك ما ورد في كتابه إلى بني هاشم:
أما بعد، فان من لحق بي استشهد ومن تخلف لم يدرك الفتح.