الأمور إلي فيك العافية، إلا أن تتعرض للبلاء. فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت الله عليك. وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله. فأما تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن.
ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان. واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، ولا تعرض فيهم الشورى. وقد أرسلت إليك والى من قبلك جرير بن عبد الله، وهو من أهل الايمان والهجرة، فبايع ولا قوة الا بالله " (2).
اتضح لنا من هذا الكتاب أن الإمام علي يحتج على معاوية بما التزم به هو ونظراؤه ويقول له: ان بيعتي بالمدينة لزمتك يا معاوية وأنت بالشام، كما التزمت ببيعة عثمان بالمدينة وأنت بالشام، وكذلك لزمت بيعتي نظراءك خارج المدينة كما لزمتهم بيعة عمر في المدينة وهم في أماكن أخرى.
هكذا يلزمه الإمام علي بكل ما التزم به هو ونظراؤه من مدرسة الخلافة يومذاك، وهذا وارد لدى العقلاء، فإنهم يحتجون على الخصم بما التزم به هو، هذا أولا.
وثانيا قوله: " فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما، كان ذلك لله رضا " فإنه قد ورد في بعض النسخ " كان ذلك رضا " (3)، أي كان لهم رضا، على أن يكون ذلك باختيار منهم ولم تؤخذ البيعة بالجبر وحد السيف. وعلى فرض أنه كان قد قال " كان لله رضا " نقول: نعم، ما أجمع عليه المهاجرون والأنصار بما فيهم الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين كان ذلك لله رضا.
وأخيرا لست أدري كيف استشهدوا بهذا القول من نهج البلاغة ونسوا أو تناسوا سائر أقوال الامام التي نقلها الشريف الرضي أيضا في نهج البلاغة مثل قوله في باب الحكم:
لما انتهت إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عليه السلام: ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم