دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٨٣
الفاسق بالجوارح المتحرز عن الكذب في أمور معاشهم ومعادهم عند الوثوق به.
ثالثها: آية النبأ، بتقريب أن معرفة حال الراوي بأنه متحرز عن الكذب في الرواية تثبت إجمالي محصل للاطمينان بصدق الراوي، فيجوز العمل به، لأن الظاهر من الآية أنه إذا حصل الاطمينان من جهة خبر الفاسق بعد التثبت بمقدار يحصل من خبر العدل فهو يكفي سيما العدل الذي ثبتت عدالته بالظن والأدلة الظنية.
فإن المراد بالعادل النفس الأمري هو ما اقتضى الدليل إطلاق العادل عليه في نفس الأمر، لا ما كان عادلا في نفس الأمر.
والدليل قد يفيد القطع، وقد يفيد الظن، وبالجملة فقول الشيخ - رحمه الله - هو الأقوى والله العالم.
6 - الضبط فيما يرويه بمعنى كونه حافظا له مستيقضا غير مغفل إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه حافظا له من الغلط والتصحيف والتحريف إن حدث منه، عارفا بما يختل به المعنى حيث يجوز له ذلك. وقد صرح باعتباره جمع كثير، بل نفى الخلاف في اشتراطه جمع.
تنبيهات:.
الأول: أن المراد بالضابط من يغلب ذكره سهوه، له من لا يسهو أصلا، وألا لانحصر الأمر فيما يرويه المعصوم من السهو، وهو باطل بالضرورة، فلا يقدح عروض السهو عليه نادرا، كما صرح به جماعة. وقد فسر الضبط " بغلبة ذكره الأشياء المعلومة له على نسيانه إياها " جماعة، منهم السيد عميد الدين في محكي " المنية "، قال: " فلو كان بحيث لا يضبط الأحاديث، ولا يفرق بين مزايا الألفاظ، ولم يتمكن من حفظها لا تقبل روايته ".
الثاني: أنه قال جمع منهم الشهيد الثاني في " البداية ": " إن اعتبار العدالة في الحقيقة يغني عن اعتبار الضبط، لأن العدل لا يروي إلا من ضبطه وتحققه على الوجه المعتبر، وتخصيصه بالذكر تأكيد وجري على العادة ".
وناقش في ذلك في محكي " مشرق الشمسين " (1) بأن العدالة إنما تمنع من

(1) للشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي المتوفى 1030.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»