المهدي المنتظر الإمام الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً - مؤسسة در راه حق - ج ١ - الصفحة ١٢
ليس هناك من جانب الله الرحيم تعالى أي تقصير في مجال العناية و الرحمة، بل إن تقصير الناس أنفسهم هو الذي أوجب غيبة الإمام و تأخير ظهور هذه الحكومة العالمية، و لكنا يجب أن نعلم أن فوائد وجود الإمام لا تنحصر بالإرشادات و الهداية الظاهرية أن كان بين الناس، بل أن هناك فوائد أخرى من حيث (التكوين و التشريع) تترتب على وجوده و إن كان غائبا عن الناس.
و إن أهم فوائد وجوده (ع) هو كونه (واسطة في الفيض) و ذلك لأنه طبقا للأدلة في مجال الإمامة، توضح أن الرابطة بين العالم و الخالق تنقطع بعدم وجود الإمام، و ذلك لأن تمام أنواع الفيض الإلهي أنما تنزل على الناس بواسطة الإمام و قد ورد مضمون الحديث التالي في أحاديث كثيرة وهو " لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت " (26)، نعم إن الإمام هو قلب عالم الوجود و قائد البشرية و مربيها و من هذه الزاوية فإن وجوده ظاهرا أو غائبا لا يفترقان بالنسبة إلى مركزه.
هذا و إن الهداية المعنوية للإمام (ع) بالنسبة للأفراد و اللائقين لذلك هي هداية متصلة و إن لم يستطيع هؤلاء أن يروه (ع) خصوصا و أنه ورد أنه يتردد على مجالس الناس و محافلهم و إن لم يكونوا يعرفونه.
و على هذا فإن صيانة الإمام للدين و هداية الأناس هما أمران حاصلان بتمام المعنى في زمان الغيبة.
إن الإمام في الحقيقة كالشمس التي يغطيها السحاب تستمد الخلائق منها النور و الحرارة كان الجهال و العمى ينكرونها.
و هذا هو الإمام الصادق (ع) يجيب على سؤال عن كيفية استفادة الناس من الإمام الغائب بأنهم ينتفعون، " كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب " (27).
و هنا لا بأس من ملاحظة ما يقول أحد المستشرقين بهذا الصدد " أعتقد أن مذهب التشيع هو المذهب الوحيد الذي احتفظ دائما بوجود رابطة الهداية الإلهية بين الله و الخلق و جعل رابطة الولاية حية قائمة بشكل مستمر.
إن المذهب اليهودي ختم النبوة و هي رابطة واقعية بين الله و الإنسان بموسى و لم يذعن بعد ذلك بنبوة السيد المسيح و الرسول محمد (ص) و
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 » »»