وأما قوله: إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر. فأي من لأي أحد في صحبته. صلى الله عليه وآله وسلم وإنفاق ماله في دعوته؟ ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها (1)، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها (2)، وكانت لرسول الله المنة على البشر عامة بالدعوة والهداية والتهذيب، وإن صاحبه أحد وناصره فلنفسه نظر ولها نصح، يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين (3)، لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (4).
على أن منة المال لأبي بكر سالبة بانتفاء الموضوع وسنوقفك على جلية الحال، وقصة الخلة في ذيل الرواية أوقفناك عليها في الجزء الثالث وإنها موضوعة، ويعارضها موضوع آخر أخرجه الحافظ السكري من طريق أبي بن كعب أنه قال: إن أحدث الناس عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بخمس ليال دخلت عليه وهو يقلب يديه وهو يقول:
إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وأن خليلي من أمتي أبو بكر ابن أبي قحافة، ألا وإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا (5).
وموضوع آخر أخرجه الطبراني من طريق أبي أمامة إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وإن خليلي أبو بكر. كنز العمال 6: 138.
وموضع آخر أخرجه أبو نعيم من طريق أبي هريرة: لكل نبي خليل في أمته وإن خليلي أبو بكر. كنز العمال: 140.
هكذا تعارض سلسلة الموضوعات بعضها بعضا لجهل كل من واضعيها بما أتى به الآخر. ولكل منته وسعة باعه في نسج الأكاذيب، وما الله بغافل عما يعملون.
وقبل هذه كلها ما في رجال سند الرواة من الآفة لمكان إسماعيل بن عبد الله