الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٢
أبي بكر وعمر تماريا عند رسول الله صلى الله عليه وآله كما مر حديثه في الجزء السابع ص 223.
وماذا على أبي بكر لو بقي متحلما مراعيا لأدب حضرة النبي إلى آخر مجلسه؟
كما فعله أولا لذلك أوان ما فعله أولا كان منه رمية من غير رام؟ فلا ينقلب إلى الإساءة وإزعاج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قام عنه.
وماذا عليه لو قام معه فيقطع مادة البغضاء؟ وماذا عليه لو سكت عن النبي صلى الله عليه وآله ولم يسئ الأدب بالاعتراض والنقد على قيامه؟.
وماذا عليه لو أبقى الملك وهو يحسبه مظلوما فيسب الرجل ردا عليه؟ لكنه رآه مكافئ الظالم فتركه.
وعجبي مما في لفظ أحمد من قول النبي لأبي بكر: فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان. الخ. كيف كان ذلك المحفل خلوا من الشيطان إلى أن رد عليه أبو بكر والرجل كان يشتم أبا بكر ويكثر، ولما رد عليه وقع الشيطان؟ فكأن رد أبي بكر كان من همزات الشيطان دون سب الرجل إياه، وكأن النبي الأعظم لم تكن له مندوحة عن سماع شتم الرجل أبا بكر، أو لم تكن فيه مغضبة دون رد أبي بكر إياه؟
إن هذا لشئ عجاب.
ثم هل في عالم الملكوت من يقابل البذاءة بمثلها؟ أو إن هناك عالم القداسة لا يطرقه الفحش والسباب المقذع لقبحهما الذاتي؟ وهل لله سبحانه ملائكة قيضهم لذلك العمل القبيح؟ وهل هذا التقييض مخصوص بأبي بكر فحسب؟ أو إنه يكون لكل متسابين من المؤمنين إذا سكت أحدهما؟ وهل قيضت الملائكة للرد على من هجا رسول الله من المشركين؟ أنا لم أقف على أثر في هذه كلها، وليست المسألة عقلية فتعضدها البرهنة، مع قطع النظر عن استهجان العقل السليم لذلك، والمتيقن: إن جزاء الشاتم إن كان ظالما مرجئ إلى يوم الجزاء، وأما رده بقول لا يسمعه الظالم فيتأدب ويرتدع، ولا المظلوم فيشفي غليله، ولا أي أحد فيكون فضيحة لمرتكب القبيح فعساه يترك شنعته، فمن التافهات، نعم: أخرج الخطيب في تاريخه 5: 280 من طريق سهل بن صقين عن أبي هريرة مرفوعا: أن لله تعالى في السماء سبعين ألف ملك يلعنون من شتم أبا بكر وعمر.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»