الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٩٠
وقال القرطبي في تفسيره 6: 321: التحريم ليس صفة للأعيان، وإنما يتعلق بالافعال فمعنى قوله: وحرم عليكم صيد البر. أي فعل الصيد، وهو المنع من الاصطياد، أو يكون الصيد بمعنى المصيد على معنى تسمية المفعول بالفعل، وهو الأظهر لإجماع العلماء على إنه لا يجوز للمحرم قبول صيد وهب له، ولا يجوز له شراؤه ولا اصطياده ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه، ولا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك لعموم قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما، ولحديث الصعب بن جثامة. وقال في ص 322: وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر: إنه لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال، سواء صيد من أجله أولم يصد لعموم قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما. قال ابن عباس: هي مبهمة. وبه قال طاووس، وجابر بن زيد وأبو الشعثاء، وروي ذلك عن الثوري، وبه قال إسحاق، واحتجوا بحديث ابن جثامة ه‍ ويعتضد رأي الإمام عليه السلام ومن تبعه بالسنة الشريفة الثابتة بما ورد في الصحاح والمسانيد وإليك جملة منه:
1 - عن ابن عباس قال: يا زيد بن أرقم! هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي إليه عضد صيد فلم يقبله وقال: إنا حرم؟ قال: نعم.
وفي لفظ: قدم زيد بن أرقم فقال له ابن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام؟ قال: نعم أهدى له رجل عضوا من لحم صيد فرده وقال: إنا لا نأكل إنا حرم.
وفي لفظ مسلم: إن زيد بن أرقم قدم فأتاه ابن عباس رضي الله عنه فاستفتاه في لحم الصيد فقال: أتي رسول الله بلحم صيد وهو محرم فرده.
راجع صحيح مسلم 1: 450، سنن أبي داود 1: 291، سنن النسائي 5: 184، سنن البيهقي 5: 194، المحلى لابن حزم 7: 250 وقال: رويناه من طرق كلها صحاح.
2 - عن الصعب بن جثامة قال: مربي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء أو بودان (1) وأهديت له لحم حمار وحش فرده علي فلما رأى في وجهي الكراهية قال: إنه

(1) ودان بفتح الواو قرية جامعة بين مكة والمدينة، بينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال من الجحفة، ومنها الصعب بن جثامة " معجم البلدان "
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»