وخمسون نفسا، ومما يؤيد قول أبي زرعة ما ثبت في الصحيحين عن كعب بن مالك في قصة تبوك: والناس كثير لا يحصيهم ديوان. وثبت عن الثوري فيما أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه قال: من قدم عليا على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألفا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. فقال النووي: وذلك بعد النبي بإثني عشر عاما بعد أن مات في خلافة أبي بكر في الردة والفتوح الكثير ممن لم يضبط أسماءهم، ثم مات في خلافة عمر في الفتوح وفي الطاعون العام وعمواس (1) وغير ذلك من لا يحصى كثرة، وسبب خفاء أسمائهم أن أكثرهم حضروا حجة الوداع. والله أعلم. ا ه.
وقد أسلفنا في ص 9: أن الحضور في حجة الوداع مع رسول الله كانوا مائة ألف أو يزيدون. إذا فأين لهذه الكتب استيفاء ذلك العدد الجم؟ وليس في مجاري الطبيعة الخبرة بجميع هاتيك التراجم بحذافيرها، فإن أكثر القوم كانوا مبثوثين في البراري والفلوات تقلهم مهابط الأودية وقلل الجبال، ويقطنون المفاوز والحزوم ولا يختلفون إلى الأوساط والحواضر إلا لغايات وقتية تقع عندها الصحبة والرواية في أيام وليالي تبطأ بهم الحاجات فيها، وليس هناك ديوان تسجل فيه الأسماء ويتعرف أحوال الوارد والصادر.
إذا فلا يسع أي باحث الإحاطة بأحوال أمة هذه شؤونها، وإنما قيد المصنفون أسماءا كثر تداولها في الرواية، أو لأربابها أهمية في الحوادث، وبعد هذا كله فالنافي لشخص لم يجد اسمه في كتب هذا شأنها خارج عن ميزان النصفة، ومتحايد عن نواميس البحث، على أن من المحتمل قريبا: أن مؤلفي معاجم الصحابة أهملوا ذكره لردته الأخيرة.
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير " سورة لقمان "