بحسب ما وصل إليه اطلاع كل منهم، فأول من عرفته صنف في ذلك أبو عبد الله البخاري أفرد في ذلك تصنيفا فنقل منه أبو القاسم البغوي وغيره، وجمع أسماء الصحابة مضمومة إلى من بعدهم جماعة من طبقة مشايخه كخليفة بن خياط، ومحمد بن سعد ومن قرنائه كيعقوب بن سفيان، وأبي بكر بن أبي خيثمة، وصنف في ذلك جمع بعدهم كأبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وعبدان، ومن قبلهم بقليل كمطين، ثم كأبي علي ابن السكن، وأبي حفص بن شاهين، وأبي منصور الماوردي، وأبي حاتم بن حبان، وكالطبراني ضمن معجمه الكبير، ثم كأبي عبد الله بن مغدة، وأبي نعيم ثم كأبي عمر ابن عبد البر وسمى كتابه " الاستيعاب " لظنه أنه استوعب ما في كتب من قبله ومع ذلك ففاته شئ كثير فذيل عليه أبو بكر بن فتحون ذيلا حافلا وذيل عليه جماعة في تصانيف لطيفة، وذيل أبو موسى المديني على ابن مندة ذيلا كبيرا، وفي أعصار هؤلاء خلائق يتعسر حصرهم ممن صنف في ذلك أيضا إلى أن كان في أوائل القرن السابع فجمع عز الدين ابن الأثير كتابا حافلا سماه " أسد الغابة " جمع فيه كثيرا من التصانيف المتقدمة إلا أنه تبع من قبله فخلط من ليس صحابيا بهم، وأغفل كثيرا من التنبيه على كثير من الأوهام الواقعة في كتبهم، ثم جرد الأسماء التي في كتابه مع زيادات عليها الحافظ أبو عبد الله الذهبي وعلم لمن ذكر غلطا ولمن لا تصح صحبته ولم يستوعب ذلك ولا قارب، وقد وقع لي بالتتبع كثير من الأسماء التي ليست في كتابه ولا أصله على شرطهما فجمعت كتابا كبيرا في ذلك ميزت فيه الصحابة من غيرهم، ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعا الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة إلى ما جاء عن أبي زرعة الرازي، قال توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل و امرأة كلهم قد روى عنه سماعا أو رؤية، قال ابن فتحون في ذيل الاستيعاب بعد أن ذكر ذلك: أجاب أبو زرعة بهذا سؤال من سأله عن الرواة خاصة فكيف بغيرهم، ومع هذا فجميع من في " الاستيعاب " يعني بمن ذكر فيه باسم أو كنية وهما ثلاثة آلاف و خمسمائة، وذكر أنه استدرك عليه على شرطه قريبا ممن ذكر، قلت: وقرأت بخط الحافظ الذهبي من ظهر كتابه التجريد: لعل الجميع ثمانية آلاف إن لم يزيدوا لم ينقصوا.
ثم رأيت بخطه: إن جميع من في " أسد الغابة " سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة و