الجواب الثاني: ان زيدا انما فعل ذلك برأي رآه لا بشرع متقدم، وإنما تقدم شرع إبراهيم بتحريم الميتة لا بتحريم ما ذبح لغير الله، وانما نزل تحريم ذلك في الاسلام.
وبعض الأصوليين يقولون: الأشياء قبل ورود الشرع على الإباحة، فان قلنا بهذا وقلنا ان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يأكل مما ذبح على النصب، فإنما فعل مباحا، وان كان لا يأكل منها فلا اشكال، وان قلنا أيضا، أنها ليست على الإباحة ولا على التحريم وهو الصحيح.
فالذبائح خاصة لها أصل في تحليل الشرع المتقدم، فالشاة والبعير ونحو ذلك مما أحله الله تعالى في دين من قد كان قبلنا، ولم يقدح في ذلك التحليل المتقدم ما ابتدعوه حتى جاء الاسلام وأنزل الله سبحانه: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) (1).
ألا ترى كيف بقيت ذبائح أهل الكتاب عندنا على أصل التحليل بالشرع المتقدم ولم يقدح في التحليل ما أحدثوه من الكفر وعبادة الصلبان، فكذلك كان ما ذبحه أهل الأوثان محللا بالشرع المتقدم حتى خصه القرآن بالتحريم (2).
وقال الزركشي، وهو من أكابر القوم، في كتاب التنقيح بعد نقل الحديث: ان قيل كان نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - أولى بهذه الفضيلة، قلنا: ليس في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أكل من السفرة.
وأجاب السهيلي: بأن زيدا انما قال ذلك برأي منه لا شرع متقدم، وفي