بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٢ - الصفحة ١٥٧
وأستأنس بمن يجيئني إلى زيارتي من المؤمنين، وأنتفع بدعاء الصالحين، وقراءة المتقين، وأراهم من حيث لا يرونني، وأنا في هذا المقام الأمين.
فيا أيها السيد الشريف لو لم يكن لي العزة والعظمة في الدنيا، وما رأيته في من النعيم الأوفى، كيف كان يمكنني تأييد مثل ذلك المؤمن الفقير، وتخليصه من أيدي ذلك الخلق الكثير.
قال السيد: فانتبهت من ذلك المنام وعلمت ما كان يفعله في حياته كان عين مصلحة الدين، ومنفعة الاسلام والمسلمين، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعترته الطاهرين المعصومين، ويأتي دفع ما ربما يتوهم في هذا المنام وأمثاله من رد الأعمال.
ومن المنامات الصادقة العجيبة التي تنبئ عن جلالة قدره، ما رآه المولى الصالح الصفي، والورع المهذب التقي، الا ميرزا يحيى ابن الحاج محمد إبراهيم الأبهري صاحب الكرامة الباهرة، والأمراض المزمنة الهالكة الذي شفاه من جميعها ريحانة رسول الله صلى الله عليه أبو عبد الله عليه السلام في المنام في ليلة الجمعة الثامن والعشرين من ذي القعدة من سنة 1291، وقد ذكرنا تفصيل أمراضه ومبدئها ورؤياه في كتابنا دار السلام الذي هو من منح الله الملك العلام، وما رئي في أعصارنا كرامة باهرة ظاهرة مثلها.
ثم لما كان ليلة العرفة بعد اثنى عشر يوم من عافيته، وكان من أيام الشتاء، والبرد الشديد الذي لم ير مثله في تلك البلاد، وكان زمان ازدحام الناس في الحرم المطهر، عزم أن يزور في الساعة الرابعة من الليل.
فلما دخل في تلك الساعة رأى الأعراب نائمين في داخل الحرم، شاغلين تمام مجالسه فتعجب من جرأتهم وسوء أدبهم، واستقبالهم الشباك المطهر بأرجلهم، ولم يكن له عهد بذلك قبله، ولا علم بحالهم ودأبهم، فذهب إلى المسجد المتصل به فرآه كذلك حتى أن النساء والأطفال الصغار معهم فيه، فكثر تعجبه، ووقف ساعة يتفكر في حالهم وحركاتهم الشنيعة، ورياحهم المنتنة، ثم خرج مغضبا وجلس عند قبر حبيب بن مظاهر إلى الفجر، فلما أضاء النهار خرج فرأى تلك الجماعة يخرجون
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست