ونافحوا بالظبى، وصلوا السيوف بالخطى وعاودوا الكر، واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم نفسا، وامشوا إلى الموت مشيا سجحا، إلى آخر ما مر في كتاب الفتن (1).
44 ومن كلام قاله لأصحابه في وقت الحرب: وأي امرئ منكم أحس من نفسه رباطة جاش عند اللقاء، ورأي من أحد من إخوانه فشلا فليذب عن أخيه بفضل نجدته التي فضل بها عليه كما يذب عن نفسه، فلو شاء الله لجعله مثله، إن الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، إن أكرم الموت القتل، و الذي نفس أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش (2).
45 ومنه: وكأني انظر إليكم تكشون كشيش الضباب لا تأخذون حقا ولا تمنعون ضيما، قد خليتم والطريق فالنجاة للمقتحم، والهلكة للمتلوم (3).
46 ومنه: فقدموا الدارع، وأخروا الحاسر، وعضوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا الابصار فإنه أربط للجأش واسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه اطرد للفشل ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم والمانعين الذمار منكم فان الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفافيها ووراء ها وأمامها لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها، أجزأ امرئ قرنه وآسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآجلة وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي، وإن الفار لغير مزيد في عمره، ولا محجور بينه وبين يومه، وإن الرائح إلى الله كالظمآن يرد