بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٧ - الصفحة ٣٤٥
" أبواب " * " (ساير الصلوات الواجبة وآدابها وما يتبعها) " * * " (من المستحبات والنوافل والفضائل) " * 1 " باب " * " (وجوب صلاة العيدين وشرائطهما) " * * " (وآدابهما وأحكامهما) " * الآيات الاعلى: قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى (1).
الكوثر: فصل لربك وانحر.
تفسير: " قد أفلح من تزكي " قيل أي فاز من تطهر من الشرك، وقيل قد ظفر بالبغية من صار زاكيا بالأعمال الصالحة والورع عن ابن عباس وغيره، وقيل:
أعطى زكاة ماله عن ابن مسعود، وكان يقول رحم الله امرءا تصدق ثم صلى، ويقرأ هذه الآية، وقيل: أراد صدقة الفطرة، وصلاة العيد، عن ابن عمر وأبي العالية و عكرمة وابن سيرين، وروي ذلك مرفوعا وقد ورد في أخبارنا كما سيأتي (2).

(١) الاعلى: ١٥ و ١٦.
(٢) راجع مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٧٦: وزاد بعده: ومتى قيل: على هذا القول كيف يصح ذلك والسورة مكية ولم يكن هناك صلاة عيد ولا زكاة ولا فطرة؟ قلنا يحتمل أن يكون نزلت أوائلها بمكة وختمت بالمدينة.
أقول: السورة مكية بشهادة سياق آياتها القصيرة، وخصوصا قوله عز وجل فيها " سنقرئك فلا تنسى " الشاهد على كونها نازلة في أوائل البعثة وقد نقل الطبرسي رحمه الله في تفسير سورة الدهر ج ١٠ ص ٤٠٥ عن ابن عباس أنها ثامنة السور النازلة على الرسول صلى الله عليه وآله، مع ما فيه من مقابلة الأشقى بالذي يخشى على حد المقابلة في سائر السور المكية القصار كما في سورة الليل، وفيها مقابلة الأشقى بالأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى.
وأما الزكاة فقد كانت واجبة من أول الاسلام كالصلاة ففي سورة المؤمنون وهي مكية: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون و الذين هم للزكاة فاعلون " وفى سورة النمل وهي مكية: " تلك آيات القرآن وكتاب مبين * هدى وبشرى للمؤمنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون " ومثله في صدر سورة لقمان وهي مكية.
وفى سورة المزمل وهي مكية " علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا ".
فالزكاة قد أمرت بها في صدر سورة المؤمنون والنمل ولقمان وكلها مكية من دون اختلاف خصوصا صدر هذه السور فان اعتبار السورة إنما هو بصدرها، والآيات المدنية إنما كانت تلحق بأواسط السورة وأواخرها، وأما في سورة المزمل، فالآية تشهد أنها نزلت قبل أن يتشكل للاسلام جمع فيهم مرضى وآخرون يضربون في الأرض، كيف و القتال في سبيل الله ولم يؤذن لهم الا بالمدينة، مع ما روى أنها خامسة السور النازلة.
وأما قوله عز وجل في هذه السورة - سورة الاعلى " قد أفلح من تزكى " فالمراد بالتزكية هنا تزكية الأموال لتكون سببا لتزكية النفوس ولذلك سميت الزكاة زكاة قال الله عز وجل: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " براءة: ١٠٣ وهي من السور النازلة بالمدينة بعد غزوة تبوك، وقال عز من قائل: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى " الليل ": ١٨ وهي من السور النازلة بمكة بعد سورة الاعلى من دون فصل يعتد به كما في رواية ابن عباس.
وقال عز وجل " إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه " فاطر: ١٨ وهي من السور النازلة بمكة، فقوله: " ومن تزكى " الخ يعادل قوله عز وجل " وآتوا الزكاة " كأنه قال: " وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ".
على حد سائر الآيات.
على أن قوله عز وجل في سورة الاعلى: " بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى " عقيب قوله: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " نص صريح في أن المراد بالتزكية هنا انفاق المال المعبر عنه بالزكاة، ولولا ذلك لم يكن لهذا الاضراب " بل تؤثرون الحياة الدنيا " مجال أبدا.
وأما الوجه في تقديم ذكر الزكاة على الصلاة والحال أنها متأخرة عن الصلاة كما في غير واحد من الآيات، فهو أن الفلاح إنما هو بالايمان الواقعي وتسليم النفس خاشعا لأوامر الله عز وجل، ولا يظهر ذلك الا بالتزكية تزكية الأموال - حيث زين لهم الشيطان حبها، ولذلك يصعب عليهم انفاق المال في سبيل الله، وأما الصلاة فليست بهذه المثابة من حيث الكشف عن الايمان، فكثيرا ما نرى الناس يصلون الصلوات الكثيرة ولا ينفقون في سبيل الله الا القليل من القليل.
فكأنه قال عز وجل: ما أفلح من ذكر اسم ربه فصلى فقط، وإنما أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، لكنكم تؤثرون الحياة الدنيا تصلون من دون أن تتزكون، والحال أن ما عندكم ينفد وما عند الله باق، والآخرة خير وأبقى.
فالقول بأن السورة أو الآيات الأخيرة في ذيلها نزلت بالمدينة والمراد بالزكاة زكاة الفطر، وبالصلاة صلاة العيد بعدها، فعلى غير محله، خصوصا بقرينة قوله عز وجل " بل تؤثرون الحياة الدنيا " وليس يصح أن يخاطب بذلك المؤمنون في صاع فطرة يسيرة تافهة يخرجونها في عام مرة واحدة.
وأما تفكيك السورة بنزول صدرها بمكة وذيلها بالمدينة، فهو خطأ عظيم، حيث إن ذلك إنما صح في السور المدنية التي كانت تنزل فيها فروع الاحكام المفروضة والمندوبة فتلحق الآيات النازلة بسورة دون سورة لتناسب موضوعها، وأما في السور المكية التي تتعقب بسياقها غرضا واحدا وهو تحقيق أصول الدين وقد كانت تلقى على المشركين حجة ودليلا على صدق الرسالة بما في نظمها وسياق قصصها من الاعجاز الخارق للعادة، فلا معنى للتفكيك في نزول السور، خصوصا السور القصار كهذه السورة التي مع اتحاد سياقها لا تبلغ عدد آياتها العشرين وأكثر آياتها تشتمل على ثلاث كلمات فقط، والظاهر أنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه يقرؤن في صلاة الفطر سورة الاعلى وفيه " قد أفلح من تزكى و ذكر اسم ربه فصلى " توهموا أن ذلك لأجل نزوله في صلاة الفطر وزكاته، وليس كذلك بل إنما سن صلى الله عليه وآله قراءة السورة في صلاة الفطر لأجل المناسبة على ما سيأتي بيانه، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب الخامس * نوافل يوم الجمعة وترتيبها وكيفيتها وأدعيتها 1
3 نوافل الجمعة، والدعاء بعد كل ركعتين منها 1
4 توضيح في لغات الدعاء 8
5 * الباب السادس * صلاة الحوائج والأدعية لها يوم الجمعة 28
6 صلاة لمن أصابه الغم والدعاء بعدها 28
7 صلاة أخرى للحاجة والدعاء بعدها 38
8 صلاة للحاجة والدعاء بعدها 44
9 * الباب السابع * أدعية زوال يوم الجمعة وآداب التوجه إلى الصلاة وأدعيته وما يتعلق... 61
10 فيما يقرء بعد صلاة الجمعة 63
11 في مراسيل ابن أبي عمير 64
12 * الباب الثامن * الاعمال والدعوات بعد صلاة العصر يوم الجمعة 73
13 دعاء العشرات وفضله وما ورد فيه 73
14 دعاء بعد العصر يوم الجمعة 78
15 في الصلاة على النبي (ص) وأسانيدها، وشرح بعض لغاتها ومعنى الأعجمي 81
16 دعاء السمات وأسانيدها، وما روي فيها عن الباقر والصادق عليهما السلام... 96
17 معاني الصلاة 125
18 * الباب التاسع * اعمال الأسبوع وأدعيتها وصلواتها 127
19 دعاء ليلة الجمعة 127
20 دعاء يوم الجمعة 129
21 من أدعية الأسبوع، وتسبيح يوم الجمعة 134
22 عوذة يوم الجمعة كتبه الإمام محمد بن علي عليهما السلام لابنه أبي الحسن (ع) 136
23 دعاء عظيم يدعى به يوم الجمعة من أمير المؤمنين عليه السلام 138
24 تسبيح ليلة السبت 144
25 دعاء يوم السبت لعلي عليه السلام 146
26 دعاء آخر ليوم السبت 148
27 دعاء آخر للسجاد والكاظم عليهما السلام 152
28 تسبيح يوم السبت، وعوذة يوم السبت من عوذ أبي جعفر عليه السلام 154
29 عوذة أخرى ليوم السبت، ودعاء ليلة الأحد 156
30 دعاء يوم الأحد لعلي عليه السلام، ودعاء آخر ليوم الأحد 160
31 دعاء آخر للسجاد عليه السلام والكاظم عليه السلام 164
32 تسبيح يوم الأحد، وعوذة من أبي جعفر عليه السلام 166
33 دعاء ليلة الاثنين 168
34 دعاء يوم الاثنين لعلي عليه السلام 171
35 دعاء آخر للسجاد والكاظم عليهما السلام 176
36 تسبيح يوم الاثنين، وعوذة من أبي جعفر عليه السلام 179
37 عوذة أخرى ليوم الاثنين، ودعاء ليلة الثلاثاء 180
38 دعاء يوم الثلاثاء لعلي عليه السلام، وبعد صفحة دعاء آخر 183
39 دعاء آخر للسجاد والكاظم عليهما السلام وتسبيح يوم الثلاثاء 187
40 عوذة يوم الثلاثاء من عوذ أبي جعفر عليه السلام، ودعاء ليلة الأربعاء 190
41 دعاء يوم الأربعاء لعلي عليه السلام، وبعد صفحة دعاء آخر 193
42 دعاء آخر للسجاد وللكاظم عليهما السلام 200
43 تسبيح يوم الأربعاء، وعوذة من أبي جعفر عليه السلام 202
44 عوذة أخرى ليوم الأربعاء، ودعاء ليلة الخميس 204
45 دعاء يوم الخميس لعلي عليه السلام، وبعد صفحة دعاء آخر 207
46 دعاء آخر ليوم الخميس، وبعد صفحة دعاء آخر 209
47 دعاء للكاظم عليه السلام، وتسبيح يوم الخميس 212
48 عوذة يوم الخميس من أبي جعفر عليه السلام والاستغفار في آخر نهار الخميس 214
49 شرح الأدعية وايضاح ما يحتاج منها إلى توضيح 216
50 في أن الأبالسة كانوا هم الشياطين، وهم ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون... 224
51 معاني العترة 260
52 صلاة يوم السبت إلى يوم الجمعة 278
53 صلوات في ليلة السبت ودعائها 280
54 صلاة في يوم السبت ودعائه وعوذة فيه 282
55 صلوات في ليلة الأحد 285
56 دعاء ليلة الأحد وصلوات فيها 286
57 دعاء يوم الأحد، وعوذة فيه 288
58 صلوات في يوم وليلة الاثنين والدعاء فيه 290
59 الصلاة في ليلة الثلاثاء والدعاء فيها 298
60 الصلاة في ليلة الأربعاء والدعاء فيها 304
61 صلوات في يوم الأربعاء والدعاء فيه 306
62 الصلاة في ليلة الخميس والدعاء فيها 309
63 صلوات في يوم الخميس وصلاة الحاجة فيه 312
64 دعاء يوم الخميس، وعوذة فيه 316
65 صلوات في أيام الأسبوع ولياليه 319
66 ذكر رواية رابعة في صلوات ليالي الأسبوع وأيامه 325
67 الدعاء الذي علمه جبرئيل عليه السلام عليا عليه السلام 328
68 أدعية الأسبوع لفاطمة عليها السلام 338
69 في تقليم الأظفار، وفيما يسحب في الخميس والجمعة 340
70 فيمن أراد أن يستجيب الله عز وجل دعاءه 341
71 * الباب العاشر * صلاة كل يوم، وفيه: 4 - أحاديث 343
72 ثواب من صلى أربع ركعات في كل يوم 343
73 فيما قاله النبي (ص) لأبي ذر رضي الله تعالى عنه في صلاة التطوع... 343
74 * أبواب * * ساير الصلوات الواجبة وآدابها وما يتبعها من المستحبات * * والنوافل والفضائل * * الباب الأول * وجوب صلاة العيدين وشرائطهما وآدابهما وأحكامهما... 345
75 معنى قوله تعالى: " قد أفلح من تزكى " وفي الذيل ما يناسب... 345
76 بيان وبحث حول التكبيرات في صلاة العيدين وخطبتهما 350
77 في كراهة التنفل في العيدين وخروج النساء في العيدين والبحث فيه 352
78 في شرائط وجوب صلاة الجمعة والعيدين 354
79 إذا ثبت الرؤية من الغد والتحقيق فيه، والجهر في الجمعة والعيدين 357
80 في خروج الرضا عليه السلام لصلاة العيد 360
81 العلة التي من أجلها جعل يوم الفطر العيد والتكبير فيه، وجعلت الخطبة... 362
82 في أنه ليس لصلاة العيدين أذان ولا إقامة، ووقت الصلاة 365
83 الدعاء الذي يقرء في قنوت صلاة العيدين 367
84 في كيفية المشي إلى صلاة العيد، والدعاء في العيدين والجمعة وما يلبس الامام 372
85 العدد في الجمعة والعيدين، وفي الذيل ما يناسب 377
86 في كيفية صلاة العيد 379