أن المكلفين إما الجن أو الانس أو الملائكة فيمتنع فيها أن تبلغ في العقل إلى درجة التكليف، بل يكون حاله (1) كحال الطفل في أن يؤمر وينهى وإن لم يكن مكلفا فصار ذلك معجزة من حيث جعلها في الفهم بمنزلة المرافق (2).
وقال الطبرسي رحمه الله: تسخير الطير له تسبيح يدل على أن مسخرها قادر لا يجوز عليه ما يجوز على العباد، عن الجبائي وعلي بن عيسى، وقيل: إن الطير كانت تسبح معه بالغداة والعشي معجزة له عن وهب، " وكنا فاعلين " أي قادرين على فعل هذه الأشياء، ففعلناها دلالة على نبوته (3).
قوله سبحانه: " ألم تر " قال الرازي: أي ألم تعلم، وظاهره الاستفهام والمراد به التقرير والبيان.
واعلم: أنه إما أن يكون المراد من التسبيح دلالته بهذه الأشياء (4) على كونه تعالى منزها عن النقائص موصوفا بنعوت الجلال (5)، وإما أن يكون المراد منه في حق البعض الدلالة على التنزيه، وفي حق الباقين النطق باللسان، والأول: أقرب وأما القسم الثالث: فهو أن يقال: استعمل اللفظ الواحد في الحقيقة والمجاز معا وهو غير جائز فلم يبق إلا الأول.
فان قيل: فالتسبيح بها المعنى حاصل لجميع المخلوقات فما وجه تخصيصه هنا بالعقلاء؟
قلنا: لان خلقة العقلاء أشد دلالة على وجود الصانع سبحانه، لان العجائب فيها أكثر (6).