بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٨ - الصفحة ١٤١
حزب الشيطان، وهذا التعارف إلهامات من الله من غير إشعار منهم بالسابقة (انتهى).
وقد مر كلام قطب الدين الراوندي - رحمه الله - في هذا الخبر.
اعلم أن ما تقدم من الأخبار المعتبرة في هذا الباب وما أسلفناه في أبواب بدء خلق الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام - وهي قريبة من التواتر - دلت على تقادم (1) خلق الأرواح على الأجساد، وما ذكروه من الأدلة على حدوث الأرواح عند خلق الأبدان مدخولة لا يمكن رد تلك الروايات لأجلها (2).

(١) تقدم (خ).
(٢) الكلام حول روايات خلق الأرواح قبل الأبدان يقع في جهات:
(الف) في صدورها: هل تكون مقطوعة الصدور أو لا؟ وعلى فرض عدم القطع بصدورها هل يوجد دليل على وجوب التعبد بها أولا (ب) في دلالتها، هل تدل دلالة صريحة على تقدم وجود الأرواح على أبدانها خارجا بالتقدم الزماني أولا.
(ج) في توافقها مع الأدلة العقلية.
فنقول: أما من الجهة الأولى فهي غير بالغة حد التواتر، فلا يحصل القطع بصدورها عادة وأدلة حجية الخبر الواحد قاصرة عن غير ما يتعلق بالاحكام الفرعية العملية، فلا يوجد دليل على وجوب التعبد بها. وأما من الجهة الثانية فلا ريب في ظهورها في ذلك في حد نفسها وإن لم يبلغ إلى مرتبة النص. وقد أول الشيخ المفيد - على ما يأتي حكايته عنه - الخلق بالتقدير، كما أنه يمكن حملها على نوع من التمثيل والاستعارة إذا وجد دليل قطعي معارض لمدلولها. وأما من الجهة الثالثة فقد دار البحث بين الفلاسفة حول حدوث النفس وقدمها، وذهب أصحاب مدرسة صدر المتألهين إلى أنها تحدث بحدوث البدن غير بالغة حد التجرد العقلي متحركة نحوه، ولا مجال لذكر أدلتهم ونقدها ههنا.
وهناك أمر يتعلق بمعرفة شؤون النفس يستعصى على الأذهان المتوغلة في الماديات، و لعل إجادة التأمل فيه يعين على حل العويصة وهو أن النفس وإن كانت أمرا متعلقا بالمادة بل ناشئا عنها ومتحدا بها وبهذا الاعتبار صح مقايستها بالحوادث واتصافها بالمقارنة والتقدم والتأخر زمانا إلا أنها حين ما تدخل في حظيرة التجرد تجد نفسها محيطة بالبدن من ناحية البدء والنهاية وأن شعاعها يمتد إلى ما قبل حدوث البدن كما أنه يمتد إلى ما بعد انحلاله. فالذي ينظر إلى جوهرها المجرد من فوق عالم الطبيعة يجدها خارجة عن وعاء الزمان محيطة به، وإذا قايسها إلى ظاهرة مادية واقعة في ظرف الزمان كالبدن يجدها موجودة معها وقبلها وبعدها، فيصح له أن يحكم بتقدم وجودها على وجود البدن مع أن من ينظر إليها من نافذة عالم المادة ويعتبرها أمرا متعلقا بالبدن بل مرتبة كاملة له انتهى إليها بالحركة الجوهرية وبهذا الاعتبار يسميها نفسا، يحكم بحدوثها عند حدوث البدن وحصول التجرد لها بعد ذلك ولا منافاة بين النظرين، و بهذا يمكن الجمع بين القولين.
ومما ينبغي الالتفات إليه أن في تقدم خلق الأرواح على الأبدان بألفي عام - على حد التعبير الوارد في الروايات - لم يعتبر كل روح إلى بدنه بحيث يكون خلق كل روح قبل خلق بدنه بألفي عام كامل لا أزيد ولا أنقص والا لزم عدم وجود جميع الأرواح في زمن علي عليه السلام فضلا عما قبله، ضرورة حدوث كثير من الأبدان بعد زمنه بآلاف سنة ولا يبعد أن يكون ذكر الألفين لأجل التكثير، وتثنية الألف للإشارة إلى التقدم العقلي والمثالي.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * الباب الثاني والأربعون * حقيقة النفس والروح وأحوالهما 1
3 معنى قوله تعالى: " ويسئلونك عن الروح " 1
4 في ماهية الروح 2
5 في حقيقة الانسان 5
6 معنى قوله تعالى: " نزل به الروح الأمين على قلبك "... 22
7 العلة التي من اجلها سمي الروح روحا 28
8 فيمن قال بتناسخ الأرواح 33
9 الفرق بين الحب والبغض، والرؤيا الصادقة والرؤيا الكاذبة 41
10 بيان في تفسير عليين 44
11 في أن المؤمن لا يكره الموت لأنه يرى النبي وأمير المؤمنين وفاطمة... 48
12 في أن المؤمن ليزور أهله وكذلك الكافر 52
13 فيما كتبه الإمام الصادق عليه السلام في رسالة الإهليلجة 55
14 في أن الأرواح جنود مجندة 64
15 في بيان أقوال الحكماء والصوفية والمتكلمين من الخاصة والعامة في حقيقة النفس والروح 68
16 فيما قاله الصدوق رحمه الله في رسالة العقايد في النفوس والروح، 78
17 فيما قاله الشيخ المفيد رحمه الله في تنعم أصحاب القبور وتعذيبهم 83
18 فيما سئله كميل عن علي عليه السلام بقوله: أريد أن تعرفني نفسي... 84
19 فيما قاله العلامة الحلي والمحقق الطوسي في حقيقة النفس 86
20 رسالة: الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح، 91
21 فيما قاله العلامة المجلسي قدس سره في النفس والروح 104
22 في تعديد خواص النفس الانسانية 122
23 في حد الانسان 124
24 * الباب الثالث والأربعون * في خلق الأرواح قبل الأجساد، وعلة تعلقها بها، وبعض شؤونها من ائتلافها... 131
25 في قول رجل لعلي عليه السلام: والله إني لأحبك، فقال كذبت 131
26 العلة التي من أجلها جعل الله عز وجل الأرواح في الأبدان... 133
27 بحث وتحقيق حول روايات خلق الأرواح قبل الأبدان 141
28 فيما قاله الشيخ المفيد رحمه الله في خلق الأرواح قبل الأجساد 144
29 العلة التي من أجلها يغتم الانسان ويحزن من غير سبب، ويفرح ويسر من غير سبب 145
30 في قول رسول الله (ص): مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد... 150
31 * الباب الرابع والأربعون * حقيقة الرؤيا وتعبيرها وفضل الرؤيا الصادقة وعلتها وعلة الكاذبة 151
32 قصة يوسف عليه السلام، وما رآه الملك في المنام 153
33 معنى قوله عز وجل: " وجعلنا نومكم سباتا " 156
34 في امرأة رأت على عهد رسول الله (ص) ثلاث مرات أن جذع بيتها انكسر 164
35 في أن فاطمة (ع) رأت في النوم كأن الحسن والحسين (ع) ذبحا أو قتلا... 166
36 في قول النبي (ص): وقد رأيت أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري 168
37 الرؤيا التي رآها أمير المؤمنين عليه السلام بكربلا في الحسين عليه السلام 170
38 في الرؤيا التي رآها عبد المطلب في بشارة النبي صلى الله عليه وآله... 171
39 في قول رسول الله (ص): الرؤيا لا تقص إلا على مؤمن خلا من الحسد والبغي 174
40 بيان في أن الرؤيا المؤمن على سبعين جزء من أجزاء النبوة 177
41 في رؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم 184
42 سبب نزول قوله تعالى: " إنما النجوى من الشيطان " 187
43 في قول رسول الله صلى الله عليه وآله: الرؤيا ثلاثة: بشرى من الله،... 191
44 بحث وتحقيق حول مسألة الرؤيا، وانها من غوامض المسائل... 195
45 في سبب المنامات الصادقة والكاذبة 199
46 فيما نقل عن الشيخ المفيد رحمه الله في المنامات 209
47 فيما ذكره أرباب التعبير والتأويل في المنامات 219
48 * الباب الخامس والأربعون * في رؤية النبي (ص) وأوصيائه (ع) وسائر الأنبياء والأولياء في المقام 234
49 في أن الشيطان لا يتمثل في صورة النبي صلى الله عليه وآله 234
50 * الباب السادس والأربعون * قوى النفس ومشاعرها من الحواس الظاهرة والباطنة وسائر القوى البدنية 245
51 احتجاج هشام بن الحكم بعمرو بن عبيد 248
52 فيما قاله الإمام الصادق (ع) للمفضل في الافعال التي جعلت في الانسان... 255
53 فيما ذكره الحكماء في تحقيق القوى البدنية الانسانية 260
54 بحث مفصل وأقوال مختلفة في كيفية الابصار 261
55 في الشامة والذائقة 270
56 في اللامسة، والحواس الباطنة 272
57 * الباب السابع والأربعون * ما به قوام بدن الانسان وأجزائه وتشريح أعضائه ومنافعها وما يترتب عليها... 286
58 في قول الإمام الصادق عليه السلام: قوام الانسان وبقاؤه بأربعة 293
59 في قول الإمام الصادق (ع): عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع و... 302
60 فيما جرى بين الإمام الصادق عليه السلام والطبيب الهندي في مجلس المنصور... 307
61 علة المرارة في الاذنين والعذوبة في الشفتين والملوحة في العينين والبرودة في الانف 312
62 فيما قاله الإمام الصادق عليه السلام للمفضل في أعضاء البدن أجمع 320
63 في عشرة كلمة سئلها داود عليه السلام عن سليمان 331