بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٧٥
(4) * (باب) * 1 - الإحتجاج: عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني باسناده الصحيح عن رجاله .

* ترى في هذا الباب شرح انعقاد السقيفة وكيفية الصفقة على يد أبي بكر بالبيعة وخلاصة الكلام في ذلك أن الخزرج اجتمعوا في سقيفتهم سقيفة بنى ساعدة بن كعب بن الخزرج وعليهم رئيسهم الأعظم سعد بن عبادة بن دليم وقد جعل نقيبا عليهم في العقبة الثانية من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهكذا حضرت الأوس تبعا وفيهم نقيبهم أسيد بن حضير ولا رئيس عليهم يومئذ، إذ كان سعد بن معاذ وهو رئيسهم الأول قد استشهد في غزاة بني قريظة.
وإنما اجتمعوا فيها ليرتأوا أمرهم في مستقبل الامر ويخطوا لأنفسهم خطة جامعة يجمع شملهم، حيث كان يترشح من كلام النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أن أمته مفتونون بعده وأن أهل بيته يستضعفون ويضامون ويلقون بعده بلاء وتشريدا وتطريدا، وان قريشا ستغدر بعلى المنصوص خلافته وسترجع الأمة كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ولعلهم قد كانوا علموا بالصحيفة التي كتبها أهل العقدة على أن يمنعوا أهل بيت النبي من حقوقهم ويصرفوهم عن مستقرهم.
إلى غير ذلك مما يقرع أسماعهم أن النبي قد أسر إلى بعض أزواجه حديث الملحمة في الخلافة وأن أبا بكر وهكذا عمر كان يحدث أحيانا أنه رآه بعض الكهنة يبشره بالزعامة والرئاسة بعد نبي يبعث بالحرم وخصوصا ما قال لهم الرسول على الخصوص " انكم سترون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقوني ".
وبينما تخلص كلامهم في هذا الجمع إلى أن من مصلحة شؤنهم أن يختاروا لأنفسهم أميرا يصدرون عن أمره ونهيه لئلا يختلف عليهم الكلمة فيتغلب عليهم المهاجرون الموتورون إذ ورد عليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح فأكثروا القالة وخالفوا الأنصار قائلين أنا أسرة النبي وقومه وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأئمة من قريش، فقام حباب المنذر وقال: فمنا أمير ومنكم أمير فانا لا ننفس هذا الامر عليكم ولكنا نخاف أن يليها أقوام قتلنا آباءهم واخوتهم، فقال أبو بكر نحن الامراء وأنتم الوزراء وهذا الامر بيننا وبينكم نصفين كقد الابلمة يعنى الخوصة.
وعند ذلك ارتفعت الأصوات وكثر اللغط، وتناول أبو بكر يد عمر وأبى عبيدة قائلا: بايعوا أيهما شئتم، وقال عمر لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعه ثم بايعه أبو عبيدة وسالم مولى أبى حذيفة; وثار بشير بن سعد الأنصاري رغما و حسدا على ابن عمه سعد بن عبادة ألا يتفق عليه كلمة الأنصار فبايع أبا بكر بمن معه من عشيرته ثم بايعه أسيد بن حضير نقيب الأوس خوفا من أن يليها الخزرج وهم على ما هم عليه من الضغائن الكامنة في نفوسهم من عهود الجاهلية، فتمت صفقة أبى بكر وخزيت دعاية الخزرج في رئيسهم باختلاف الكلمة بينهم.
فترى الأنصار اجتمعوا في السقيفة سعيا في اتحاد كلمتهم ونصب أمير يجمع شملهم فعاد اجتماعهم هذا بلاء وأثرة عليهم، وتشريدا وتطريدا لأهل بيت نبيهم، ولله أمر هو بالغه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست