بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٨٧
أخبرني يا محمد: الولد يكون من الرجل أو من المرأة؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما العظام و العصب والعروق فمن الرجل، وأما اللحم والدم والشعر فمن المرأة، قال: صدقت يا محمد، ثم قال: يا محمد فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شئ ويشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شئ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له، قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عمن لا يولد له ومن يولد له؟
فقال: إذا مغرت النطفة (1) لم يولد له - أي إذا احمرت وكدرت - وإذا كانت صافية ولد له، فقال: أخبرني عن ربك ما هو؟ فنزلت قل هو الله أحد إلى آخرها، فقال ابن صوريا صدقت يا محمد، بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك واتبعتك: أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟ قال: جبرئيل، قال ابن صوريا: كان ذلك عدونا من بين الملائكة، ينزل بالقتل والشدة والحرب، ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك، لان ميكائيل كان يشد ملكنا، وجبرئيل كان يهلك ملكنا فهو عدونا لذلك.
فقال له سلمان الفارسي: فما بدؤ عداوته لك؟ (2) قال: نعم يا سلمان عادانا مرارا كثيرة، وكان من أشد ذلك علينا أن الله أنزل على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له: بخت نصر وفي زمانه، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، (3) والله يحدث الامر بعد الامر فيمحو ما يشاء ويثبت، فلما بلغنا ذلك الحين (4) الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم نبيا كان يعد من أنبيائهم يقال له دانيال في طلب بخت نصر ليقتله، فحمل معه وقر (5) مال لينفقه في ذلك، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة (6) فأخذه

(1) مغر الثوب: صبغه بالمغرة، وهي لون الحمرة ليس بناصع.
(2) في المصدر: فما بدؤ عداوته لكم.
(3) في المصدر وفى نسخة: أخبرنا بالخبر الذي يخرب به.
(4) في المصدر وفى نسخة: فلما بلغنا ذلك الخبر.
(5) الوقر بالكسر: الحمل الثقيل.
(6) المنعة: القوة التي تمنع من يريد أحدا بسوء.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست