بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١١٦
يوجهونها إلي. والثاني: أن معناه: فهؤلاء الذين فضلهم الله في الرزق من الأحرار لا يرزقون مماليكهم، بل الله رازق الملاك والمماليك، فإن الذي ينفقه المولى على مملوكه إنما ينفقه مما يرزقه الله، فهم سواء في ذلك. (1) وفي قوله: " ومن رزقناه منا رزقا حسنا " يريد حرا رزقناه وملكناه مالا ونعمة " فهو ينفق منه سرا وجهرا " لا يخاف من أحد " هل يستون " يريد أن الاثنين المتساويين في الخلق إذا كان أحدهما مالكا قادرا على الانفاق دون الآخر لا يستويان فكيف يسوى بين الحجارة التي لا تعقل ولا تتحرك وبين الله عز اسمه القادر على كل شئ والرازق لجميع خلقه؟! وقيل: إن هذا المثل للكافر والمؤمن، فإن الكافر لا خير عنده والمؤمن يكسب الخير " وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ " من الكلام، لأنه لا يفهم ولا يفهم عنه، وقيل: معناه: لا يقدر أن يميز أمر نفسه " وهو كل على مولاه " أي ثقل ووبال على وليه الذي يتولى أمره " أينما يوجهه لا يأت بخير " أي لا منفعة لمولاه فيه أينما يرسله في حاجة لا يرجع بخير ولا يهتدي إلى منفعة " هل يستوي هو " أي هذا الأبكم " ومن يأمر بالعدل " أي ومن هو فصيح يأمر بالحق و الصواب " وهو على صراط مستقيم " أي على دين قويم وطريق واضح فيما يأتي ويذر.
وفيه (2) أيضا وجهان: أحدهما: أنه مثل ضربه الله تعالى فيمن يؤمل الخير من جهته ومن لا يؤمل منه، وأصل الخير كله من الله، فكيف يسوي بينه وبين شئ سواه في العبادة؟.
والآخر أنه مثل للكافر والمؤمن: فالأبكم: الكافر، والذي يأمر بالعدل:
المؤمن، عن ابن عباس، وقيل إن الأبكم أبي بن خلف، ومن يأمر بالعدل حمزة و عثمان بن مظعون، عن عطاء، وقيل: إن الأبكم هاشم بن عمرو بن الحارث القرشي وكان قليل الخير يعادي رسول الله صلى الله عليه وآله. (3)

(1) مجمع البيان 6: 373.
(2) أي في هذا المثل.
(3) مجمع البيان 6: 375.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست