بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٣٠٩
وفي قوله سبحانه: " ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم ":
أي من أمثالهم من البشر، ويجوز أن يكون ذلك الشهيد نبيهم الذي ارسل إليهم، ويجوز أن يكون المؤمنون العارفون يشهدون عليهم بما فعلوه من المعاصي، وفي هذا دلالة على أن كل عصر لا يجوز أن يخلو ممن يكون قوله حجة على أهل عصره، وهو عدل عند الله تعالى، وهو قول الجبائي وأكثر أهل العدل، وهذا يوافق ما ذهب إليه أصحابنا وإن خالفوهم في أن ذلك العدل والحجة من هو؟ " وجئنا بك " يا محمد " شهيدا على هؤلاء " يريد على قومك وأمتك.
وفي قوله تعالى: " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ": معناه: وألزمنا كل إنسان عمله من خير أو شر في عنقه كالطوق لا يفارقه، وإنما قيل للعمل: طائر على عادة العرب في قولهم: جرى طائره بكذا، وقيل: طائره يمنه وشؤمه وهو ما يتطير به، و قيل: طائره حظه من الخير والشر، وخص العنق لأنه محل الطوق الذي يزين المحسن، والغل الذي يشين المسئ، وقيل: طائره كتابه، وقيل: معناه: جعلنا لكل إنسان دليلا من نفسه لان الطائر عندهم يستدل به على الأمور الكائنة، فيكون معناه: كل إنسان دليل نفسه وشاهد عليها، إن كان محسنا فطائره ميمون، وإن أساء فطائره مشوم " ونخرج له يوم القيمة كتابا " وهو ما كتبه الحفظة عليهم من أعمالهم " يلقيه " أي يرى ذلك الكتاب " منشورا " أي مفتوحا معروضا عليه ليقرأ ويعلم ما فيه، والهاء في " له " عائد إلى الانسان أو إلى العمل، ويقال له: " اقرأ كتابك " قال قتادة: و يقرء يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " أي محاسبا، وإنما جعله محاسبا لنفسه لأنه إذا رأى أعماله يوم القيامة كلها مكتوبة ورأي جزاء أعماله مكتوبا بالعدل أذعن عند ذلك وخضع واعترف، ولم يتهيأ له حجة ولا إنكار، وظهر لأهل المحشر أنه لا يظلم.
وفي قوله تعالى: " كل أولئك كان عنه مسؤولا ": معناه أن السمع يسأل عما سمع، والبصر عما رأى: والقلب عما عزم عليه، والمراد أن أصحابها هم المسؤولون ولذلك قال: " كل أولئك " وقيل: بل المعنى: كل أولئك الجوارح يسأل عما
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326