بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٣٠٨
وكفرهم، بل يعترفون به فيدخلون النار باعترافهم، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا ينفعهم الكتمان، وإنما يقولون: " والله ربنا ما كنا مشركين " في بعض الأحوال، فإن للقيامة مواطن وأحوالا، (1) ففي موطن لا يسمع كلامهم إلا همسا، وفي موطن ينكرون ما فعلوه من الكفر والمعاصي ظنا منهم أن ذلك ينفعهم، وفي موطن يعترفون بما فعلوه، عن الحسن.
وثالثها أن المراد أنهم لا يقدرون على كتمان شئ من الله تعالى لان جوارحهم تشهد عليهم بما فعلوه، فالتقدير: لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه هم.
ورابعها أن المراد: ودوا لو تسوى بهم الأرض وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد صلى الله عليه وآله وبعثه، عن عطا.
وخامسها أن الآية على ظاهرها، فالمراد: ولا يكتمون الله شيئا لأنهم ملجؤون إلى ترك القبائح والكذب، وقولهم: " والله ربنا ما كنا مشركين " عند أنفسنا لأنهم كانوا يظنون في الدنيا أن ذلك ليس بشرك من حيث تقربهم إلى الله، عن البلخي. وفي قوله تعالى: " ويوم نبعث من كل أمة شهيدا " يعني يوم القيامة بين سبحانه أنه يبعث فيه من كل أمة شهيدا وهم الأنبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم.
وقال الصادق عليه السلام: لكل زمان وأمة إمام تبعث كل أمة مع إمامها.
وفائدة بعث الشهداء مع علم الله سبحانه بذلك أن ذلك أهول في النفس، و أعظم في تصور الحال، وأشد في الفضيحة إذا قامت الشهادة بحضرة الملا مع جلالة الشهود وعدالتهم عند الله تعالى، ولأنهم إذا علموا أن العدول عند الله يشهدون عليهم بين يدي الخلائق فإن ذلك يكون زجرا لهم عن المعاصي، وتقديره: واذكر يوم نبعث.
" ثم لا يؤذن للذين كفروا " أي لا يؤذن لهم في الكلام والاعتذار، أو لا يؤذن لهم في الرجوع إلى الدنيا، أو لا يسمع منهم العذر، يقال: أذنت له أي استمعت " ولا هم يستعتبون " أي لا يسترضون ولا يستصلحون، لان الآخرة ليست بدار تكليف، ومعناه: لا يسألون أن يرضوا الله بالكف عن معصية يرتكبونها.

(1) يأتي شرح تلك المواطن في الاخبار، راجع رقم 7.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326