بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٣١٨
كل فقير، وعز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، (1) من تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه، لم ترك العيون فتخبر عنك بل كنت قبل الواصفين من خلقك، لم تخلق الخلق لوحشة، ولا استعملتهم لمنفعة، ولا يسبقك من طلبت، ولا يفلتك من أخذت، (2) ولا ينقص سلطانك من عصاك، ولا يزيد في ملكك من أطاعك، ولا يرد أمرك من سخط قضاءك، ولا يستغني عنك من تولى عن أمرك، كل سر عندك علانية، وكل غيب عندك شهادة، أنت الأبد لا أمد لك، وأنت المنتهى لا محيص عنك، (3) وأنت الموعد لا منجأ منك إلا إليك، بيدك ناصية كل دابة، وإليك مصير كل نسمة، سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك، وما أصغر عظمه في جنب قدرتك، وما أهول ما نرى من ملكوتك، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك، وما أسبغ نعمتك في الدنيا، وما أصغرها في نعم الآخرة.
بيان: قوله: فإليه منقلبه أي انقلابه. قوله عليه السلام: بل كنت قبل الواصفين قيل:
أي لما كان سبحانه قبل الموجودات قديما أزليا لم يكن جسما ولا جسمانيا فاستحال رؤيته، وقال بعض الأفاضل: يحتمل أن يكون المراد أن العلم بوجودك ليس من جهة أخبار العيون، بل من جهة أنك قبل الأشياء ومبدأ الممكنات. أقول: يمكن أن يكون المعني أنه لو كان العلم بوجودك من جهة الرؤية لما علم تقدمك على الواصفين، إذ الرؤية إنما تفيد العلم بوجود المرئي حين الرؤية، فلا تفيد للرائين الواصفين العلم بكونه موجودا قبلهم.
قوله عليه السلام: ولا يسبقك أي لا يفوتك هربا. قوله عليه السلام: ولا يفلتك أي لا يفلت منك فإن أفلت لازم. قوله عليه السلام: أمرك أي قدرك الذي قدرت قوله عليه السلام: عن أمرك أي الامر التكليفي. قوله عليه السلام: وأنت المنتهي أي في العلية، أو ينتهي إليك أخبارهم وأعمالهم، أو ينتهون إليك بعد الحشر. وقال الجزري: كل دابة فيها روح فهي نسمة، وقد يراد بها الانسان.

(1) الملهوف: الحزين ذهب له مال أو فجع بحميم. المظلوم يعادي ويستغيث.
(2) أي لا يتخلص منك من أخذته.
(3) أي لا مهرب منك.
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322